اغتيال الكاتب ناهض حتر: الأردن على أعتاب حرب جديدة ضدّ التطرف الفكري

هزت واقعة اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتر أمس الأول ، الشارع العربي والدولي على حد سواء وخلفت انقساما وتنديدا لدى الرأي العام الأردني بصفة خاصة ، وسط مخاوف من دخول البلاد مرحلة جديدة من الحرب ضدّ الإرهاب الفكري وشكوك حول واقع الحريات

في هذا البلد الذي يعاني بدوره – كغيره من البلدان العربية –من التهديدات الإرهابية في منطقة تعجّ بالتنظيمات المتطرفة.

اغتيال الكاتب والصحفي الأردني المثير للجدل ناهض حتر أمام قصر العدالة على يد واعظ ديني، أمس الأول الأحد، بخمس رصاصات لحظة وصوله لحضور أولى جلسات محاكمته بتهمة إثارة النعرات الدينية بعد نشره رسما كاريكتوريا قيل انه مسيء للذات الإلهية ، أشعل الشارع الأردني وأثار استياء الأوساط السياسية والإعلامية في الأردن، وادّى إلى استقالة الحكومة ساعات بعد واقعة الاغتيال . ورغم انّ مراقبين أكدوا ان الاستقالة ربما قد تكون غير مرتبطة بحادثة الاغتيال – علما وانه وفق المتعارف عليه دستوريا في الأردن، فإن الحكومة التي تجري الانتخابات التشريعية في عهدها، تضع مصيرها أمام العاهل الأردني، ومن ثم يقرّر الملك إما بقائها وإعادة تكليفها، أو تغييرها- ورغم ذلك يؤكد متابعون للشأن الأردني انّ هذه الحادثة ستحمل دون شكّ تداعيات على المشهد السياسي والأمني في البلاد لتزامنها مع حرب إقليمية ودولية ضدّ الإرهاب الفكري و الخطابات الدينية المحرضة على العنف والإرهاب والبعيدة كل البعد عن القيم الإسلامية السمحة.

احترام الأديان
من جانبها اعتبرت الإعلامية الأردنية محاسن الإمام في حديثها لـ»المغرب» أنّ واقعة الاغتيال التي طالت الكاتب ناهض حتر أفرزت غضبا في صفوف الشارع اﻻردني من مسلمين ومسيحيين على حدّ سواء ، مشيرة إلى انّ هذه الأعمال اللاإنسانية تغذي خطاب الكراهية وتؤجّج الفتنة الطائفية في البلاد باعتبار أن القاتل «مسلم متطرّف» والمقتول مسيحي من مدينة الفحيص ذات الغالبية المسيحية وفق تعبيرها.وتابعت محدّثتنا : «بناء على هذا الغضب قدمت الحكومة الأردنية استقالتها .لكن الملك عبدالله الثاني عاود وكلف رئيس الوزراء هاني الملقي بإعادة تشكيلها ».

وأكدت الإمام أنّ الشارع اﻻردني متماسك ويحمل فكرا معتدلا فيما يتعلق باحترام الأديان الأخرى ، مستثنية من أسمتهم بـ«الإسلاميين المتطرّفين» الذين يحاولون زعزعة الوحدة الوطنية وإثارة النعرات.

على صعيد متصل قال الباحث الأردني د. عامر السبايلة لـ«المغرب» أنّ «واقع الحريات يتعرض إلى تحدّيات غير مسبوقة، هناك الكثير من التشريعات والقوانين التي تم تشريعها ساهمت في تحديد الحريات وتقييدها مما خلق مناخا مشحونا إلى حدّ ما ، لكن الأخطر في هذه المعادلة هو تعرض الحريات إلى ضربة كبيرة في الأردن لأول مرّة يغتال كاتب أردني هذا انتقال إلى مرحلة حساسة لانّ ماحصل هو سابقة في تاريخ الحريّات التي باتت تتعرض إلى فكرة المواجهة مع من يعتقد انه يطبق قانونه الخاص».
وأكّد السبايلة أنّ الاغتيال مثّل صدمة في الأردن باعتباره سابقة غير معهودة ستحمل تداعيات مختلفة من احتقان سياسي وعدم ثقة في إدارة الحكومة لمثل هذه الملفات. وأضاف السبايلة قائلا «كان على الحكومة إدراك حجم هذه القضية عبر وضع خطة لإدارتها بشكل مسبق».

وحذر محدّثنا من إمكانية أن تكون هذا الحادثة المروّعة بادرة لمرحلة جديدة تفتح الباب أمام حاملي مثل هذا الفكر المتطرف ، معتبرا ان ذلك ينذر بميلاد مرحلة خطرة تفرض على السلطات ضرورة ضبطها وفرض هيبة الدولة اولا عبر إدراك خطورة المرحلة الحرجة وثانيا وضع إستراتيجية استباقية لمواجهتها على حدّ تعبيره.

واكّد الباحث والكاتب الاردني انّ أزمات المنطقة أثرت على الأردن مما أدى إلى ارتفاع مستوى العنف، وظهور مدّ كبير من الفكر الظلامي الذي بدأ يجتاح المنطقة ككلّ والأردن من ضمنها في غياب استراتيجيات ناجعة لمكافحته .

وتاتي حادثة اغتيال الكاتب والصحفي ناهض حتر، لتقض مضجع المملكة الأردنية الهاشمية -والتي كانت تعتبر نفسها في منأى عن الخطر الإرهابي - ممّا صنفها من بين أهم بقع الاستقرار في منطقة تعاني من ويلات الحروب والإرهاب، وهو ما يثير مخاوف متزايدة من تغوّل الفكر المتطرف والخطر الإرهابي وتعدّد جبهات نشاطه .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115