دول جوار بحر قزوين يوقعون اتفاقا تاريخيا: بوتين يدعم موقفه الإقليمي تجاه التدخل الأمريكي

وقع في منتصف شهر أوت زعماء أذربيجان و تركمانستان وكازاخستان و إيران و روسيا،

في ميناء أكتاو بكازاخستان، اتفاقا حول بحر قزوين اعتبره الرئيس نور سلطان نازارباياف «تاريخيا» في حين اكد فلاديمير بوتين أن «معناه سوف يشكل محطة» في العلاقات الدولية. و كانت دول الجوار حول بحر قزوين تتفاوض منذ انهيار الإتحاد السوفييتي حول وضعية أكبر بحر مغلق في العالم و علاقات الدول المشاركة فيه.
وتوصلت الدول الخمس، بعد تنازلات قدمتها موسكو، إلى اتفاق حول استغلال مشترك لأعماق البحر وخاصة النفط والغاز الطبيعي والكافيار، علما وأن بحر قزوين يحتوي على احتياطي قدر بـ 50 مليار برميل من النفط و 300 ألف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و5 مليار دولار سنويا من الكافيار. ولم تتمكن كل الدول بما فيها روسيا من استغلال هذه الثروات بسبب عدم وضوح الإطار القانوني للبحر.

ونجحت موسكو في الوصول إلى اتفاق يقضي باعتبار بحر قزوين «ليس بحرا ولا بحيرة» حتى لا يطبق عليه القانون الدولي المنظم لمثل هذه المساحات المائية. وهو ما فتح الباب على تنازلات كبيرة سوف ينتفع بها تركمانستان خاصة الذي لم يكن في استطاعته توزيع نفطه عبر كازاخستان. أهم تحول في هذه المنطقة له بعد استراتيجي يقيها من التدخلات الخارجية.

تحول استراتيجي عسكري
حرص فلاديمير بوتين ، مقابل القبول بمشاركة إيران و الدول التي كانت تنتمي إلى الإتحاد السوفييتي، أن ينص الاتفاق على منع أي دولة أجنبية إرساء قواعد عسكرية في بحر قزوين. وهي خطوة موجهة من ناحية ضد الحلف الأطلسي و من ناحية أخرى ضد الصين التي تسعى منذ مدة إلى توسيع رقعة تواجدها العسكري بعد أن أرست قاعدة عسكرية في جيبوتي. وإن أكد بوتين أن الإتفاق «يضمن السلم في المنطقة» فإن المستفيدين منه هما موسكو و طهران اللذان استعملا بحر قزوين في مناوراتهما العسكرية والذي تربطهما علاقات أصبحت متطورة منذ دخولهما في تحالف استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. توسيع العلاقات بين دول بحر قزوين سوف يخدم موسكو عسكريا خاصة أنها فتحت الباب أمام «تعاون عسكري» يخدم السلم في المنطقة. وهو ما يعزز موقف فلاديمير بوتين تجاه شراسة الموقف الأمريكي و يعطيه مجالا جديدا لضمان درع واق في البحر. و بدأت المحادثات مع طهران في خصوص إمكانية فتح قناة عبر الأراضي الإيرانية بين بحر قزوين و الخليج لفك الحصار على الدول الخمس و تمكينها من العبور نحو المحيط.

منافع الإتفاق
يسمح الإتفاق بالحصول على منافع اقتصادية هامة. ويأتي تركمانستان في المرتبة الأولى من حيث المنتفعين بسبب حرصه على تمرير أنابيب بترول عبر البحر تجاه أذربيجان لتصدير نفطه لأوروبا. و يفتح المجال أيضا لاستغلال المخزون من قبل كل الدول حسب الحصص المتفق عليها. وهو ما يبعد شبح الخلاف و تضارب المصالح. من ناحية أخرى سوف تتمتع الدول باستخراج الغاز الطبيعي لتعزيز اقتصادياتها.

الثروة البحرية الأخرى هي الكافيار الذي يشكل إحدى المسائل العالقة من حيث الإستغلال وحماية الأسماك المنتجة له حتى يضمن الجميع حماية المحيط والثروات السمكية. وهو تقدم ملحوظ يراعي الالتزامات الدولية الخاصة بمقاومة التلوث والانحباس الحراري في حين يكرس المنطقة كأول مجموعة في العالم تنتج هذا النوع من الثروة. مما يساعدها على التحكم في السوق العالمية المتعلقة بالكافيار.

وتم التعرض في القمة الخماسية إلى ربط حوض البحر بآليات تواصل وتنقل لفائدة شعوب المنطقة. و يأتي في المقام الأول ربط الدول بحزام من سكك الحديد يستعمل لنقل المسافرين والبضائع. وهو ما يفتح للمنطقة بابا جديدا من التعاون بعد عشرات السنين من الانغلاق على النفس. وتهدف هذه الخطوات الإستراتيجية الروسية الإيرانية إلى حماية مصالحها في محيطها الطبيعي وفي إطار عالم متعدد الأقطاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115