إثر مقتل شاب في مدينة «نانت» الفرنسية ... الشرطة في قفص الاتهام: انتفاضة عنيفة لشباب المدينة

مرة أخرى تجد الشرطة الفرنسية نفسها محل اتهام و مساءلة إثر مقتل شاب فرنسي

من أصل إفريقي على يد أحد أعوان شرطة مدينة «نانت» الشمالية في الليلة بين 3 و 4 جويلية. جد الحادث في حي «برايل» عندما أوقفت دورية أمن سيارة أبوبكر ف. للتثبت من هويته، وعند عزمه الفرار على متن سيارته أطلق شرطي النار عليه في العنق مما خلف له أضرارا توفي من جرائها عند وصوله إلى مستشفى المدينة أين نقلته سيارة الإسعاف.
مباشرة بعد انتشار الخبر في الحي وعلى وسائل الاتصال الاجتماعي، خرج عدد كبير من الشبان للتظاهر والصدام مع أعوان الشرطة. وأضرموا النار في بعض السيارات والمحلات التجارية. وتدخلت فرق الشرطة لتفريق المتظاهرين وحماية الممتلكات المهددة. وامتدت المناوشات مع أعوان الأمن وفرق التدخل ليلتين حيث تم إيقاف 11 متظاهرا في حالات تلبس. وقرر وكيل الجمهورية فتح تحقيق في الحادثة لتحديد المسؤوليات في مقتل أبوبكر ف. وأعلنت الشرطة في مدينة «نانت» أنه اتضح لها بعد التحري أن أبوبكر ف. من ذوي السوابق وهو محل تفتيش من قبل أجهزة الأمن والشرطة بتهمة السرقة والانتماء إلى عصابة إجرامية.
اندلعت المظاهرات عند سماع وجهة نظر المدعي العام التي لا تتطابق مع حقيقة ما جرى، حسب شهود عيان من السكان كانوا على عين المكان، والذين أكدوا للصحفيين أن الضحية قدم أوراقه للشرطة و أن العون أطلق النار عليه مباشرة عندما أراد الفرار على متن السيارة. واتضح أن الضحية كان بدون أوراق هوية وقدم للعون اسما مستعارا. وعند طلب الشرطة اصطحابه إلى المركز هم بالفرار. و سوف يحدد البحث العدلي إذا ما كان الشرطي الذي أطلق النار في حالة دفاع شرعي.

إدانة دولية لعنف الشرطة الفرنسية
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في فرنسا حيث تسجل دوريا أجهزة الأمن الفرنسي نفسها حالات الوفيات التي تحصل خلال عمليات التأكد من هوية الأشخاص. و تعددت المواجهات مع الشرطة في ضواحي باريس و في مدينة مرسيليا وفي تولوز ومدن أخرى. وأقرت التفقدية العامة للأمن الوطني بوفاة 14 شخصا و جرح 100 منذ جويلية 2017 خلال عمليات التحري أي بمعدل حالة وفاة في الشهر على الأقل. وهي ظاهرة عادية في الممارسات البوليسية في فرنسا. مما جعل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين، في مارس 2017، ممارسات الشرطة الفرنسية في شهر نوفمبر 2009، التي اعتبرتها «غير إنسانية ومهينة» وشجبت «الأعمال العنيفة والمتكررة و غير المجدية» لأعوان الشرطة ضد المواطن الضحية محمد بوكرورو وأجبرت الدولة الفرنسية على دفع دية قيمتها 30 ألف يورو.

وأعلنت من ناحيتها المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن انشغالها بالعنف البوليسي المسلط على المواطنين خاصة بعد تسجيل حالات وفاة وعنف واغتصاب في قضايا تعلقت عام 2016 بفرنسوا بايغا وأداما تراوري و باغتصاب الشاب تيو عام 2017 من قبل أعوان شرطة. وعبر خبراء من الأمم المتحدة عن خشيتهم أن تكون حالات العنف تلك غير معزولة و أن يتمتع أعوان الأمن بالإفلات من العقاب.

موجة من الانتحارات
من جهة أخرى، سجل قطاع الأمن الفرنسي منذ أشهر حالات من الانتحار في صفوف أعوان الأمن والجندرما مما خلف استياء عاما لدى الأعوان الساهرين على أمن المواطنين بمختلف أصنافهم. ومع تعاظم المسؤوليات تصاعد عدد حالات الانتحار من 36 عام 2016 إلى 50 عام 2017. وسجلت إلى حدود هذا الشهر 18 حالة من الإنتحار في صفوف أجهزة الأمن. و عبرت مختلف نقابات الأمن عن انشغالها بتفاقم حالات الإنتحار في صفوف رجال الأمن من جراء ثقل المسؤولية و انشغالهم بأعمال أمنية تتعلق بالإجرام و الأمن العمومي و مقاومة الإرهاب. وهي مسؤولية إضافية شكلت عبئا جديدا مع فرض حالة الطوارئ إثر الاعتداءات الإرهابية المتكررة.
لكن المسؤولين عن أجهزة الأمن والسياسيين في وزارتي الداخلية والعدل عبروا عن عزمهم بسط القانون بالطرق الديمقراطية و عدم ترك التسيب يفرض ممارسات تخرج عن نطاق القانون و التعامل الديمقراطي. و تأمل عائلات الضحايا أن تتمكن العدالة من ضبط المسؤوليات وتحويل الأمنيين الذين لم يلتزموا بالتراتيب الديمقراطية أمام العدالة. يبقى أن شبكات الإرهاب و الإجرام أصبحت تنسق فيما بينها و تتقاسم مواقع و أقاليم أين تفرض سلطتها على المواطنين. وهو وضع جديد لم تجهز الشرطة نفسها لمقاومته. يبقى الخيط الرفيع قائما بين القضاء سلميا على تهديدات الإجرام و الإرهاب و التدخل لإيقاف المجرمين مع احترام القواعد الدولية المنظمة لتدخل رجال الأمن والحامية لحقوق الإنسان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115