مآلات الأزمة بين روسيا وبريطانيا : تصعيد يوسّع نطاق الصّدام بين موسكو والغرب

بدأت الازمة بين بريطانيا وروسيا بخصوص قضية محاولة اغتيال جاسوس روسي سابق تأخذ منحى أكثر تصعيدا

بعد ان اتهمت لندن حكومة موسكو بالوقوف وراء محاولة اغتيال سيرغي سكريبال وابنته . واستمرت الحرب الكلامية بين البلدين لتصل امس الخميس الى مرحلة اشدّ وقعا بعد تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون التي قارن فيها كأس العالم لكرة القدم المرتقب في روسيا خلال الصيف بالألعاب الأولمبية في برلين في ظل حكم هتلر.
الحرب الكلامية والتصريحات المتصاعدة لاقت تنديدا روسيا رسميا ،وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين «إنه تصريح مقزز تماما، ولا يليق بوزير خارجية أي بلد. إنه مهين وغير مقبول.التوتر الاخير بين لندن وموسكو لم يقتصر على التصريحات اذ ان اولى الخطوات التي اقدمت عليها حكومة تيريزا ماي هي طرد 23 دبلوماسيا روسيا احتجاجا على محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق . وهذه الخطوة قابلها رد مماثل من موسكو التي طردت بدورها 23 دبلوماسيا بريطانيا من اراضيها .

يشار الى انّ لندن رفضت التعاون مع موسكو في تحقيق حول تسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية. وردت روسيا الفعل داعية لندن إلى «التخلص من عقدة الخوف من روسيا» ومرجحة وقوفها وراء ما تصفه بـ«الهجوم الإرهابي».
ولئن خلق هذا الاتهام البريطاني الصريح لحكومة بوتين توترا كبيرا بين الجانبين فانه خلف ايضا حملة اصطفاف كبيرة وراء لندن مقابل توجيه الاتهام الى موسكو.ومن اهم المواقف الدولية التي دعمت حكومة تيريزا ماي في تحركها هي فرنسا والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي وايضا المفوضية الاوربية وغيرها من الدول الغربية .
هذا الاصطفاف الذي بني على اتهام يعتبر وفق مراقبين موقفا غربيا من ضمن مواقفه وسياسته المعادية لروسيا منذ اندلاع الازمة الاوكرانية والتي تلاها فرض عقوبات اوروبية كبيرة على الجانب الروسي. ويرى متابعون انّ دعوة «ماي» امس قادة الاتحاد الأوروبي للوحدة في مواجهة «التحدّي الروسي» هو بداية مرحلة جديدة من العداء الغربي ضد روسيا.
وبحسب مقتطفات من خطاب القته رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي في قمة رؤساء الاتحاد الأوروبي امس الخميس في بروكسل قالت ماي «إن التحدي (الذي تمثله) روسيا هو تحد سوف يستمر سنوات. سيكون ممكنا لنا هزيمته بوحدتنا».وأضافت «بوصفنا ديمقراطية أوروبية، فإن بريطانيا ستقف بجانب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أجل أن نواجه معا هذه التهديدات».

أبعاد ومآلات الازمة
وحول ابعاد الازمة بين بريطانيا وروسيا بخصوص تسميم الجاسوس الروسي اجاب المحلل والكاتب السياسي رامي الخليفة العلي في حديثه لـ«المغرب» ان هناك منهجا تكرّس في السياسة الروسية اتجاه الدول الغربية وهو التدخل في شؤونها استخباراتيا دون أن يلقى ذلك ردة فعل حاسمة.
وأضاف «حدث ذلك في الولايات المتحدة وفرنسا وحتى في بريطانيا سابقا. وهذا ما شجعها على القيام بالمزيد من النشاط الإستخباراتي في هذه الدول فوجدت بريطانيا وحلفاؤها الغربيون قضية سكيربال فرصة للرد بقوة على الدب الروسي. بالمقابل هناك أبعاد داخلية في بريطانيا فالسيدة تيريزا ماي تعاني من صعوبات كبيرة خصوصا بعد البريكسيت والمفاوضات الشاقة مع الاتحاد الأوروبي وهي تواجه صعوبات حتى داخل حزبها لذلك وجدت في هذه القضية وسيلة تظهرها بمظهر المرأة القوية الّتي تدافع عن مصالح بلدها وأمنه» وفق تعبيره .

اما عن مآلات هذه الازمة والى يمكن ان يصل التصعيد بين البلدين فأجاب الكاتب والمحلل السياسي رامي الخليفة العلي في «أن الدول الغربية سوف تصعد في هذه القضية ولكنه تصعيد محسوب تحت السقف الإعلامي والسياسي والدبلوماسي» وفق تعبيره .
ويضيف «لا أتوقع تجاوزا لهذا المستوى لسببين الأول المصالح المشتركة بين روسيا والغرب والسبب الثاني أن الطرفين غير مستعدين لمواجهة أكبر يمكن أن تكون تداعياتها خطيرة. سوف تبقى المناكفة بين الطرفين وتصعيد محسوب وهذا كان الحال بين روسيا والغرب على امتداد السنوات الماضية».

بين روسيا والغرب
وبخصوص اصطفاف أغلب الدّول الغربيّة خلف لندن وإمكانيّة أن تكون هذه القضية مطية للغرب لمهاجمة روسيا قال محدّثنا ان الأزمات بين روسيا والغرب كثيرة ومعقدة من سوريا حتى الانتخابات الأمريكية مرورا بأوكرانيا وشرق أوروبا والدّرع الصاروخي وتمدد حلف الناتو على حد قوله .
وأكّد «وفي هذه الأزمات يبدو الغرب موحدا إلى حد كبير في مواجهة روسيا. تأتي أزمة الجاسوس الروسي لكي تزيد من حجم الهوة بين الطرفين. لذلك فسماء العلاقات الروسية الغربية سوف تبقى ملبدة بالكثير من المشاكل ولا يتوقع أن تصفو الأجواء بينهم بسبب رغبة شديدة من قبل بوتين للعودة إلى الساحة الدولية كقوة عظمى ورفض غربي لهذه العودة وهذا ما يطرح صراع الإرادات بين الطرفين في مجمل تلك القضايا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115