هل تندلع حرب كوريا الثانية؟ بعد التجربة النووية السادسة لكوريا الشمالية... أمريكا لا تستثني استخدام القوة النووية

قامت كوريا الشمالية الأحد 3 سبتمبر بسادس تجربة نووية منذ 2006، أيام بعد أن أطلقت صاروخا عابرا للقارات فوق اليابان دون أن تتمكن الدول العظمى و مجلس الأمن الدولي من إيقاف عمليات تطوير القوة النووية من قبل بيونغ يانغ. أعلنت كوريا رسميا أنها قامت هذه المرة بتجربة قنبلة هيدروجينية تفوق قوتها عشرة أضعاف قوة التجربة التي قامت بها في سبتمبر 2013.

و قوبل الحدث كالعادة بتنديد واستنكار القوى العظمى التي سارعت بمطالبة مجلس الأمن برفع مستوى العقوبات ضد كوريا الشمالية.
حسب إعلان رسمي لكوريا الشمالية قدرت قوة القنبلة الهيدروجينية ب 50 كيلوكن وذلك يعني أنها تفوق بثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما التي ألقتها القوى الأمريكية فوق المدينة اليابانية يوم 6 أوت 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية. بالنسبة للحكومة الكورية الجنوبية و لمرصد شاثام هاوس اللندني تعتبر هذه التجربة خطوة عملاقة تسمح لبيونغ يانغ بتطوير قدراتها العسكرية و تهديد جيرانها. وذلك يعني أن الزعيم الكوري كيم – إيل – أون سوف يتمكن من دخول أي مفاوضات في موقع قوة.

تهديد أمريكي برد نووي
ردود الفعل كانت متفاوتة الحدة. أهمها الموقف الأمريكي بعد أن أعلن البيت الأبيض في بيان رسمي أن «الرئيس ترامب أكد على عزم الولايات المتحدة الدفاع على الأمة و أراضيها و حلفائها باستعمال كل الطاقات الدبلوماسية و التقليدية و النووية التي بحوزتها». و كرر وزير الدفاع الأمريكي جايمس ماتيس، إثر اجتماع مجلس الأمن القومي، أن كل الإمكانيات هي على الطاولة و أن بلاده لا تستثني «ردا عسكريا شاملا». و قام الرئيس الأمريكي بالتشاور مع إنزو أبي رئيس الوزراء الياباني و عبر له عن تضامنه واستعداد الولايات المتحدة لتوفير الحماية الضرورية لليابان. كذلك الشأن بالنسبة لكوريا الجنوبية التي طالبت ترامب بنشر «قدرات إستراتيجية» على الأراضي الكورية. و أوضح وزير الدفاع الكوري أمام البرلمان أن الحكومة طلبت رسميا نشر نظام «ثاد» الأمريكي لمقاومة الصواريخ و الذي ترفض الصين نشره على التراب الكوري.

و ارتفعت أصوات في حزب المحافظين في كوريا الجنوبية مطالبة بتطوير قنبلة كورية جنوبية لضمان حماية الشعب و البلاد. وهو جدل قديم في كوريا الجنوبية منذ أن قررت الولايات المتحدة سحب قوتها النووية المرابطة في كوريا. لكن الولايات المتحدة قد تسمح باستمرار تحليق طائرات أف 35 و أف 22 لمراقبة التراب الكوري الشمالي ورصد أي أشعة نووية محتملة.

في حين طالبت فرنسا و ألمانيا و بريطانيا بتفعيل مستوى عقوبات رادع و اتخاذ موقف حازم ضد كيم – يونغ - أون زعيم كوريا الشمالية، عبر الرئيس الصيني و الرئيس الروسي، اللذان كانا يشاركان في قمة دول «البريكس» المنعقدة في الصين، عن «إدانة قوية» لهذه الخطوة و أعلنا تمسكهما بنزع السلاح النووي من المنطقة و تطبيق كل العقوبات المفروضة من مجلس الأمن. في نفس الوقت طالب مدير الهيئة الأممية للطاقة النووية بيونغ يونغ بالعمل على تطبيق مقررات مجلس الأمن بعدم القيام بتجارب نووية أخرى و بالتخلي عن برنامجها النووي.

مرحلة جديدة
الأزمة الكورية يرجع تاريخها للحرب الكورية الأولى في الخمسينيات من القرن الماضي التي أفضت إلى اقتسام الأراضي الكورية إلى دولتين ،كوريا الشمالية ذات النظام الشيوعي وكوريا الجنوبية التابعة عسكريا و سياسيا للولايات المتحدة الأمريكية التي خاضت حربا مدمرة ضد القوى الكورية الشيوعية. تحالف بيانغ يونغ مع الصين التي لا تزال تخضع للنظام الشيوعي أعطى الكوريين قوة مكنت كيم – إيل - سونغ أب الرئيس الحالي من استخدام البرنامج النووي للتفاوض مع القوى الغربية بعد الحرب العالمية الثانية.

أما اليوم فإبنه كيم – يونغ – أون قرر اثر توليه الحكم تطوير النظام النووي و الاقتصاد الوطني لضمان استقلالية بلاده في وجه الولايات المتحدة الأمريكية. وهو يعتقد أن كوريا الشمالية لها الحق، مثل الهند و باكستان، في امتلاك السلاح النووي. أمام هذا الموقف لا يجد المجتمع الدولي الطريقة المثلى لإرغام بيونغ يانغ على التخلي عن تطوير نظامه النووي دون استعمال القوة العسكرية. لكن كوريا تعمل ،حسب ما ورد على لسان وزير الدفاع الكوري الجنوبي، على صنع قنبلة مصغرة يمكن تحميلها فوق صاروخ عابر للقارات.

و بعد «الحرب الكلامية» التي شنها دونالد ترامب تجاه كوريا الشمالية متوعدا بـ «النار والغضب»، لا يجد البيت الأبيض الأدوات التي تمكنه من فرض رؤية أمريكية في المنطقة دون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الجديد الذي فرضه نجاح البرنامج النووي الكوري. يبقى لمجلس الأمن أن يؤكد مرة أخرى على الموقف الأمريكي الرافض للبرنامج النووي الكوري مع الأمل أن رفع سقف العقوبات سوف يثني كيم - يونغ – أون عن مواصلة طريقه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115