مسار تنزيل الدستور: المصادقة على قوانين ...القضاء على التميز العنصري والعنف ضد المرأة والهيئات الدستورية

تقدم مجلس النواب خطوة أخرى في مسار تنزيل مبادئ الدستور الجديد وملاءمة القوانين

مع مضمونه، في إطار مسعى تعثر في السنوات الأربعة الفارطة ولكنه استمر، ليصادق في اليومين الفارطين على قانون القضاء على كافة أشكال التميز العنصري وانطلاق المصادقة على القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الإنسان.
صادق نواب مجلس الشعب يوم الثلاثاء الفارط بـمجموع 125 نعم على القانون الاساسي المتعلق بالقضاء على جميع انواع التمييز العنصري، وبهذا يمر القانون الى المرحلة القادمة من مساره، في انتظار صدوره في الرائد الرسمي.

هذا القانون المقترح من قبل وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية و المجتمع المدني و حقوق الإنسان والذي اودع في 22 جانفي الفارط بالبرلمان وناقشته لجنة الحقوق والحريات في 6 جلسات قبل احالته إلى الجلسة العامة للتصويت.

مشروع القانون المتكون من 11 فصلا حددت مفهوم التمييز وأشكاله والعقوبات المستوجبة على كل طرف يصدر عنه فعل او قول بهدف التمييز العنصري، الذي عرفه القانون بأنه «كلّ تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي أو النسب أو غيره من أشكال التمييز العنصري...من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتع بالحقوق والحريات أو ممارستها على قدم المساواة، أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافية».

كما تلتزم الدولة بمقتضى هذا القانون بضبط سياسات واستراتجيات الوقاية من جميع مظاهر التميز العنصري، اضافة الى أحداث لجنة وطنية لمناهضة التميز العنصري تتبع وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية مع تفصيل لمهامها.

هذه الفصول الـ11 وما تضمنته من التزام الدولة التونسية بحماية كرامة الذات البشرية ضد اي شكل من أشكال التمييز العنصري واقرار مبدإ المساواة بين الجميع، ليس الخطوة الاولى التي تخطوها تونس في مسار تنزيل المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وملاءمة نصوصها التشريعية معها.

مسار مراجعة ترسانة القوانين التي تتعارض في مضمونها مع فلسفة الدستور وروحه، لتعديلها او إقرار قوانين جديدة تنزل هذه المبادئ على كليتها دون استثناء ليس بالمسار الهين او البسيط، فحجم الترسانة القانونية المتعارضة مع الدستور كبير ومتشعب. لكن مسار الألف ميل يبدأ خطوات متتالية، واليوم المشرع التونسي تقدم خطوات عدة، خاصة وإذا كان مجال هذا التقدم الحريات العامة والفردية.

مسار تنزيل الدستور وخاصة فلسفته للحريات والحقوق والمساواة بين المواطنين، الذي تعطل طوال السنوات الأربعة الفارطة، لايزال متعثرا رغم بعض المنجزات التي تحققت فيها، في ظل تجاذبات سياسية ألقت بظلالها على نسق تنزيل مبادئ الدستور.

مبادئ تتضمن مساواة بين كافة المواطنين وإلغاء اي تميز بينهم، وايضا اقرار تشكيل هيئات دستورية مهمهتا حماية هذه المبادئ وضمان تطبيقها، في ظل إدراك الفاعلين السياسيين والحقوقيين ان صياغة القانون وحدها لا تكفي على أهميتها.فتنزيل الدستور لا يقتصر فقط على تغيير ترسانة القوانين غير المنسجمة معه، بل بعث هيئات وهو ما تعثر في تونس منذ 2014.
قد يكون ضربا من التفاؤل اعتبار انطلاق عملية المصادقة على القانون الاساسي المحدث لهيئة حقوق الانسان يوم امس والمصادقة على 32 فصلا منه سواء بالقبول او الرفض، في انتظار استكمال العملية والانتقال للمصادقة على بقية مشاريع القوانين المحدثة للهيئات الدستورية او انتخاب اعضائها من قبل المجلس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115