كارثة قرقنة..ملف الغرسلي..الحملات على المقاهي..عدم تطبيق القرارات..إعفاءات في غير محلها وسفرة السعودية: في أسباب إعفاء الشاهد لوزير الداخلية لطفي براهم

بعد سويعات من لقائه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس إعفاء وزير الداخلية

لطفي براهم من مهامه وتكليف وزير العدل غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة، خطوة تمهد للشاهد لإجراء تحوير وزاري جزئي الذي كان مجرد فكرة ليصبح مسألة ملحة وأكيدة باعتبار أن الإعفاء شمل وزارة سيادية ومن غير الممكن أن يتولى الجريبي وزارتين سياديتين في الوقت ذاته ونحن على أبواب موسم سياحي مهم وما يتطلبه من استتباب أمني على جميع المستويات ، أسباب إقالة براهم وفق بعض المصادر الحكومية متعددة، فهي كانت نتيجة تراكمات عدة نقائص واخلالات في مهام براهم وكارثة قرقنة وملف محمد ناجم الغرسلي كانتا السبب في تعجيل الإقالة إلى جانب الجدل الحاصل حول فتح المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان والحملات الأمنية على «المفطرين».
إقالة لطفي براهم وفق مصادرنا ليست بالخطوة المفاجئة بل كانت متوقعة، حيث أن أي تقصير يحصل وتكون نتائجه وخيمة فّإن تحميل المسؤولية يكون على المسؤول الأول، وكارثة غرق مركب المهاجرين غير الشرعيين في قرقنة والتي راح ضحيتها 68 شخصا كحصيلة أولية باعتبار أن العدد مرشح للارتفاع أكثر في الساعات القادمة هي النقطة التي أفاضت الكأس، ويبدو أن القرار قد تمّ اتخاذه منذ وقوع الكارثة في انتظار المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية، حيث تحول رئيس الحكومة إلى قرقنة رفقة وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي عوضا عن وزير الداخلية، زيارة أقرّ خلالها بوجود فراغ أمني في قرقنة رغم العديد من القرارات المتخذة وإقرار تركيز مجمع أمني في الجزيرة في الأيام القادمة، إضافة إلى تعزيز تجهيزات الحرس البحري.

إعفاءات لا علاقة لها بكارثة قرقنة
ساعات بعد إعفاء لطفي براهم لـ 10 مسؤولين أمنيين في إقليم صفاقس من مهامهم بناء على الأبحاث والتحريات الأولية التي أذن بفتحها خلال زيارته يوم 04 جوان الجاري إلى ولاية صفاقس وإشرافه على المجلس الجهوي للأمن، يعفى هو الآخر من مهامه من قبل رئيس الحكومة، إعفاءات أثارت حفيظة وغضب رئيس الحكومة وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«المغرب» حيث أن أغلب الإعفاءات التي تمت لا علاقة لها بحادثة قرقنة وقد قام براهم بتقديمهم ككبش فداء ومحاولة للهروب من المسؤولية جراء التقصير الأمني الحاصل في الجهة ودخول عديد الأشخاص دون التفطن إليهم ومحاولتهم الهجرة خلسة، فكارثة قرقنة كشفت للشاهد خلال زيارته لها أن الوزير لم يطبق توصيات المجالس الوزارية التي عقدت من أجل عودة الأمن لقرقنة لاسيما بعد الكارثة التي وقعت آخر السنة الفارطة ولكن ظلت المنطقة دون أمن وهذا ما يفسر تكرار عمليات اجتياز الحدود خلسة.
تراكمت الأسباب التي جعلت الشاهد يقرر إقالة براهم من منصبه، لاسيما وأن الأخير وفق مصادرنا معروف بعلاقاته من خارج أجهزة الدولة، علاقات سياسية، وبالنسبة للشاهد فهو يريد أن تكون وزارة الداخلية، أهم وزارة سيادية، على مسافة من العلاقات السياسية ولا أحد يمكن أن يستقوى عليه، فهو من يحكم ويقرر بناء على ما تقتضيه مصلحة البلاد بعيدا عن المصالح والحسابات الشخصية، حزمة من الأسباب كانت منطلقا للإقالة والتي بدورها ستكون تمهيدا لتحوير وزاري في الحكومة الذي بات ضرورة ملحة، تحوير سيتمكن من خلاله الشاهد، إن واصل مهامه، من إبعاد الوزراء الذين كان أداؤهم سلبيا ولم يقدموا المردود المطلوب إلى جانب تصريحاتهم التي أثارت جدلا كبيرا في البلاد.

واجب التحفظ
بالنسبة لرئيس الحكومة فإن وزير الداخلية يجب أن يكون له واجب التحفظ واليقظة في ذات الوقت مع التقيد الكبير بمفاهيم الدولة، علما وأن هناك خلافا بين الشاهد وبراهم، ذلك أن هذا الأخير لا يحتكم إلى قرارات القصبة خاصة في ما يتعلق بتعيين بعض المسؤولين الأمنيين في الوزارة ولا يطبق التوصيات الصادرة عن المجالس الوزارية، خلاف نفاه سابقا براهم وشدد على أن «الوزارة لها صبغة عملياتية أمنية وبعض التأثيرات السياسية ربما تؤثر على القرار العملياتي بها، لكن النقاش لا يعني الخلاف»، ومن بين أسباب الإقالة إضافة إلى التقصير والفشل الأمني، فشله في إيقاف وزير الداخلية الأسبق محمد ناجم الغرسلي بعدما أمهله 48 ساعة لجلب الغرسلي الفار من العدالة منذ 3 أشهر بعد إصدار بطاقة جلب ضده من القضاء العسكري، ملف أثار قلق رئيس الحكومة باعتبار الغرسلي مشتبها به في قضية التآمر على أمن الدولة الخارجي وكذلك قضية وضع النفس تحت تصرّف جيش أجنبي زمن السلم والموقوف فيهما كلّ من صابر العجيلي والمدير السابق للوحدة الوطنية للقضايا الإرهابية ،عماد عاشور المدير السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية ورجل الأعمال شفيق جراية، فالحرب ضدّ الفساد بالنسبة للشاهد مستمرة ومتواصلة بالرغم من الضغوطات والدعوات لإقالته.

انتهاء مهلة جلب الغرسلي
أمر المهلة سبق أن نفته وزارة الداخلية بتأكيدها أن الوزير لم يتلقّ أي إشعار شفوي أو كتابي من رئيس الحكومة يتعلق بمنحه هذه المهلة لإيقاف الغرسلي وتقديمه إلى القضاء العسكري في القضية المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة الداخلي وأكدت أن ناجم الغرسلي صادرة في حقه بطاقة جلب وليس بطاقة تفتيش والفرقة المركزية للأبحاث بالعوينة هي وحدها المخوّل لها قانونا تنفيذ بطاقة الجلب وقد قامت بمهمتها منذ شهر وأعادت البطاقة إلى النيابة العمومية بعد تعذّر تنفيذها لاتخاذ ما تراه مناسبا. ويشار إلى أن القضاء العسكري ورغم تغيّب الغرسلي عن جلسات الاستنطاق واصل أعماله الاستقرائية حيث اصدر في حقّه بطاقة جلب بتاريخ 14 مارس المنقضي وقد توجهت فرقة مختصة من الحرس الوطني إلى مقرّ سكنى المعني بالأمر لتنفيذ بطاقة الجلب ولكن تعذّر عليها ذلك نظرا لعدم تواجد الغرسلي في منزله. ويذكر أن الغرسلي تمت إحالته بحالة فرار في ملف القضية المسجل تحت عدد 4919 والمتعلق بالتآمر على أمن الدولة الخارجي ومشتبه به في قضية وضع النفس تحت تصرّف جيش أجنبي زمن السلم.

الحملات على المقاهي وسفرة السعودية
الحملات الأمنية التي قام بها براهم خلال شهر رمضان على «المفطرين» والجدل الذي أحدث بسبب غلق المقاهي والمطاعم من بين أسباب الإقالة، حيث اعتبرت هذه المسألة مسا من الحقوق والحريات الفردية، إضافة إلى الزيارة التي قام بها منذ أشهر إلى السعودية، ولقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووزير الخارجية عادل الجبير، زيارة اكتنفها الغموض وأثارت جدلا كبيرا في الساحة واستمرت مدة أطول من المعتاد، زيارة علق عليها براهم أنها تمت بالتنسيق مع وزارة الخارجية، والقيادة على علم بها، وأوضح أنّ الزيارة تتنزل في إطار تكريم السعودية المؤسسة الأمنية التونسية في مجال مكافحة الإرهاب، متابعا››السعودية تحب تونس وتحترم شعبها والاتفاقيات التي تربط البلدين تعود إلى سنة 1995 ».
الساعات والأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث والتطورات في الساحة السياسية، والأنظار كلها باتت مشدودة إلى حكومة الشاهد والمعركة التي يخوضها رئيسها ضدّ من يطالبون برأسه، معركة انطلقت بإعفاء وزير الداخلية في انتظار إعفاءات وتحويرات أخرى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115