في التقرير السنوي للهيئة العليا للرقابة المالية والإدارية: رصد 4039 إخلالا في مختلف مجالات التصرف العمومي ... وأخطاء شائعة لها انعكاسات مالية كبرى

اكثر من 4 الاف اخلال تم رصدها في تقارير الرقابة والتفقد اثر متابعة 108 تقريرا رقابيا،

هي مؤشرات اعلنت عنها امس الهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية خلال ندوة صحفية لتقديم تقريرها السنوى الرابع والعشرين 2016 - 2017 ، الا ان عددا من هذه الاخلالات التي لا توضع في خانة الفساد لها انعكاساتها المالية الكبيرة على غرار عدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب وضعف المتابعة ... وبالتالي كل إخلال وفق الهيئة له انعكاس مالي، كما تم تقديم الاخطاء الاكثر شيوعا في مجالات التصرف العمومي.

جزء بسيط او عينة من جملة الهياكل العمومية التي تم تمتابعة تقريرها من قبل الهيئة، وهذا الجزء البسيط على حد قول رئيس الهيئة العليا للرقابة المالية والإدارية كمال العيادي يبيّن حجم الاخطاء والاخلالات المسجلة والتي تتفرع على عدة محاور معتبرا «ان كل اخلال هو رقم» ، موجها رسائل اهمها ان الرقابة والعمل الرقابي دون متابعة «هو اهدار للمال العام» وبالتالي ضرورة الاستثمار في المتابعة، مضيفا ان الرأي العام يهتم بكل ما هو عمل يكشف عن الفساد باعتباره عملا صادما لكن الاخلالات المرصودة لها كلفة مالية احيانا اكثر من كلفة الفساد ولا يجرمها القانون ولذلك من المفترض التعامل مع الرقابة بمنطق اقتصادي ومن منطلق ان العملية الرقابية عمل يكشف كل اخلالات وأخطاء في التصرف وبالتالي فيها إهدار للمال بطريقة ما .

المقاربة الوقائية ضرورة
من الرسائل الاخرى التي وجهها رئيس الهيئة قبل عرض التقرير السنوي هي ان المقاربة الردعية والجزائية دون مقاربة الوقائية لا فائدة منها ، ولئن اكد العيادى على تحقيق نتائج بفضل العملية الرقابية الا أنه يعتبر انها «اقل» من المأمول مشددا على ان مقاربة الهيئة هي مقاربة اصلاحية اذ لا يمكن المحافظة على المال العام الا بالاصلاح.
في عرضها لتقرير الهيئة افادت القاضية هادية بن عزون ان الهيئة قامت خلال سنتى 2016 و2017 وفق المهام المخولة لها قانونا ، بمتابعة التقارير الرقابية لدائرة المحاسبات وهياكل الرقابة العامة اضافة الى بعض التفقديات الوزارية، وبينت انه من بين 108 تقريرا رقابيا في جميع الاصناف تمت متابعتها نتج عنها 4039 اخلالا تدخل في خانة سوء التصرف، تم اصلاح 2730 اخلالا بعد قيام الهيئة بمتابعة التقارير الرقابية ، وقدمت 2022 توصية للهياكل التى خضعت للمتابعة ، وتقدر نسبة الاصلاح الاجمالية 68 بالمائة – علما وان النسبة تختلف من هيكل الى اخر- .
وقد شملت النقائص المضمنة بهذه التقارير مجالات التنظيم وأنظمة المعلومات والتصرف في الموارد البشرية واستخلاص الموارد واسترجاع المستحقات وانجاز الشراءات والتصرف في الممتلكات العمومية.

ففي مجال إحكام سير العمل بالهياكل العمومية تشير اغلب التقارير الرقابية الى غياب الهياكل التنظيمية وادلة الاجراءات وبطاقات الوظائف علاوة على عدم ارساء انظمة معلومات ناجعة وفعالة وعدم اندماج التطبيقات المعلوماتية فضلا عن نقص الاطارات الفنية المختصة في هذا المجال.
في مجال التصرف في الموارد البشرية تعلقت النقائص بتعدد الشغورات وعدم التقييد باجراءات الانتداب وضعف نسبة التاطير ونقص التكوين وإسناد بعض الامتيازات المالية والعينية دون وجه حق بالاضافة الى تواصل العمل بالية الوضع على الذمة في القطاع العام وأبرزت المتابعة توصل بعض الهياكل العمومية- منها وزارة الفلاحة ، وزارة التنمية والتعاون الدولي...- الى تدارك النقائص المسجلة في هذا المجال فيما تبقى بعض الاصلاحات رهينة توفر جملة من الشروط على غرار دعم الموارد البشرية وحسن توظيفها.

بطء في الاستخلاص
من بين الاشكاليات الاخرى الواردة في التقرير البطء في مجال استخلاص الهياكل العمومية لمواردها واسترجاع مستحقاتها بالرغم من ضغوطات الميزانية وصعوبات مالية يمر بها القطاع العمومي ورغم المجهودات المبذولة في هذا المجال فان النتائج المحققة لا تزال محدودة مقارنة بالنتائج المرتقبة .وعلى سبيل المثال ذكر التقرير استخلاص المعاليم على مستوى المؤسسات الصحية بمختلف اصنافها التى تشكو عديد النقائص، الى جانب مساعي الصيدلية المركزية لاستخلاص مستحقاتها لدى الحرفاء وإيجاد الحلول الملائمة ..

وكذلك الشأن بالنسبة الى الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه التي لا تزال ساعية الى استخلاص مستحقاتها بعنوان استهلاك الماء لدى الهياكل العمومية ومنها ديون حزب التجمع المنحل اكثر من 400 الف دينار.
كما اسمت عملية استرجاع المبالغ التي كشفت تقارير الرقابة عن صرفها دون وجه حق في اغلب الاحيان بالبطء وبعدم ايلائها العناية اللازمة من قبل الهياكل المعنية ومنها حالات الجمع بين المنح المحمولة على الصندوق الوطنى للتشغيل 21-21 .
كما لوحظ عدم احكام التصرف في الشراءات من خلال عدم احكام ابرام الصفقات وتحديد الحاجيات بما يشكل اخطاء تصرف يرتقي البعض منها الى خطإ جزائي ، مخالفة قواعد المنافسة والمساواة امام الطلب العمومي ، تجزئة الشراءات والتاخير في تنفيذ الصفقات دون تطبيق خطايا تاخير علاوة على التاخير في الختم النهائي للصفقات.

ويذكر في هذا الصدد اسناد عدد هام من صفقات اشغال صيانة الطرقات على مستوى الادارة الجهوية للتجهيز بتونس الى احدى المقاولات التى تبين وجود علاقة قرابة بين وكيلها ورئيس مصلحة مكلف بالتصرف في هذه الصفقات وهو ما يمثل وضعية تضارب مصالح وينطوي على شبهة فساد.
هذا بالاضافة الى اخلالات شابت التصرف في الممتلكات على غرار عدم جرد الممتلكات وانعدام الصيانة وعدم تسوية الوضعية العقارية للعديد من الاملاك العمومية واسناد السيارات والمساكن الادارية دون احترام الضوابط القانونية الى جانب مخالفة التراتيب المتعلقة بالتفويت في الممتلكات وعدم تامينها وحمايتها .

دراسة خصوصية حول الأخطاء الشائعة
عرجت الهيئة خلال الندوة الصحفية على الدراسة الخصوصية التي اعدتها حول «الاخطاء الاكثر شيوعا في مجال التصرف العمومي وسبل تلافيها» والتي ستكون محور ندوة صحفية ستنتظم في 26 من الشهر الجاري بعد عرضها على رئاسة الحكومة لما لها من اهمية ومن انعكاسات مالية وفق رئيس الهيئة. وتنقسم هذه الاخطاء الى عشرة محاور.

الساعات الاضافية «ساعات وهمية»
أول الأخطاء والأكثر شيوعا هي في مجال التصرف في الموارد البشرية ومنها المتصلة بالتصرف في عطل المرض، والمتصلة بالساعات الاضافية والتي اطلق عليها اسم «الساعات الوهمية» وخصت الدراسة مجال التعليم العالي بتحليل مدقق حيث اشارات تقارير التفقد لوزارة التعليم العالي الى تمتع بعض المدرسين القارين والمتعاقدين بمنح ساعات تدريس اضافية دون وجه حق.

الوضع على الذمة : «بدعة» ومنتشر بطريقة رهيبة
ومنها ايضا حالة الوضع على الذمة حيث تبين ان هذا الاجراء لم يتم التنصيص عليه سواء بالانظمة الاساسية العامة او الخاصة للموظفين والاعوان العمومين على اختلاف اصنافهم ، واستنتجت الهيئة ارتفاع عدد الملاحظات الواردة في التقارير الرقابية وعدم التوصل الى تسويتها، وتم وصف هذا الاجراء خلال الندوة بانه بدعة.
اما الاخطاء الاكثر شيوعا في مجال التصرف في الصفقات العمومية فتعلقت بعدم احكام تحديد الحاجيات ، عدم التقيد باجراءات ومقتضايت المنافسة النزيهة ، ضعف متابعة ومراقبة تنفيذ الصفقات .

وكثيرا ما تم التطرق الى اشكالية السيارات الادارية وقد بين عمل الهيئة ان من بين الاخطاء الاكثر شيوعا في مجال التصرف في اسطول السيارات والعربات هي عدم مسك قوائم وملفات ادارية محينة لاسطول السيارات والعربات، وعدم التقيد كليا او جزئيا بترتيب تخصيص السيارات والعربات، عدم احكام مسك دفتر السيارة او العربة، عدم احكام مسك بطاقة متابعة صيانة السيارات والعربات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115