المسيل للدموع لتفريق المحتجين، حيث تتعمد مجموعات شبابية غلق الأنهج والطرقات بالحجارة والإطارات المطاطية ورشق الأعوان بالزجاجات الحارقة «المولوتوف»، ولئن تعددت أسباب الاحتجاجات في كل من الكرم الغربي والمكناسي وبوعرادة وسجنان بين التنمية وانتحار أحد الموقوفين واحتجاج ضدّ اعتداء رئيس المركز، فإن النتيجة واحدة، حرق وتكسير.
تجاوزت أسباب التحركات الاحتجاجية المطالب القديمة والمعروفة والتي ما فتئت ترفع في عدة ولايات بعد الثورة وهي التنمية والتشغيل، ليصبح حتى الاعتداء أو إيقاف شخص دافعا جديدا للاحتجاجات والتي لم تعد تنفذ في النهار بل في الليل، احتجاجات ليلية تنتج عنها مواجهات مع قوات الأمن.
مواجهات في الكرم..
جدت مواجهات ليلة أول أمس بين الأمن وعدد من المحتجين بجهة الكرم تواصلت إلى حدود منتصف الليل تمّ خلالها رشق أعوان الأمن بالحجارة والمولوتوف وإشعال النار وسط الطريق، مواجهات أسفرت عن تهشيم بلور 4 سيارات أمنية وإصابة عون أمن إصابة خفيفة بالرأس جرّاء رشقه بالحجارة. وتعود الأسباب وفق تصريح الناطق الرسمي لوزارة الداخلية خليفة الشيباني إلى محاولة ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة، كانوا بحالة سكر حضور مباراة بين النادي الإفريقي والنادي الأولمبي بالكرم مبرمجة دون حضور الجمهور، ولما حاول رئيس مركز الشرطة، الذي كان متواجدا على عين المكان، منعهم من الدخول إلى الملعب حدث تبادل عنف معهم، مؤكدا في هذا الخصوص أن هؤلاء الأشخاص هم من بادروا باستعمال العنف. وقد أذنت النيابة العمومية للشرطة العدلية بقرطاج بمباشرة قضية في تبادل العنف مع إبقائهم بحالة سراح، غير أن المنطقة شهدت مساء أول أمس تجمع الأهالي للاحتجاج قبل أن تتحول المسألة إلى مواجهات.
وزير الداخلية لطفي براهم في تصريح إعلامي له بخصوص هذه المواجهات أكد أنّه ليس ما يشاع أو يقال أو يروج هو حقيقة والقضية مازالت جارية في هذا الشأن، مشيرا إلى أن المقابلة كانت ممنوعة من حضور الجماهير ولكن هناك من تعنت للحضور وربما وقعت مشادات كلامية أو تبادل العنف لأنها انطلقت في البداية بمحاولة الاعتداء على رئيس المركز لكن هذا لا يمنع من ان القضاء سيأخذ مجراه وستتولى الإدارة فتح بحث تحقيقي وكل سيتحمل مسؤوليته قضائيا وإداريا. وشدد على أنه في كلّ الحالات لا يمكن ردّ الفعل بتلك الطريقة، العنف، وكان من الأجدر التقدم للإدارة بشكوى في الغرض والوزارة مستعدة للوقوف على أي تجاوز وبذلك فإن ردة الفعل يجب ألا تكون بالحدة والعنف، فهذه الطرق غير معقولة.
احتجاجات في بوعرادة..
مدينة بوعرداة من ولاية سليانة شهدت هي الأخرى احتجاجات ومواجهات ليلية بين المواطنين وأعوان الأمن تم خلالها استعمال الغاز المسيل للدموع وذلك لتفريق المحتجين الذين تعمدوا قطع الطريق وإشعال العجلات المطاطية على خلفية انتحار أحد الموقوفين من أبناء الجهة بمركز الإيقاف للحرس الوطني بمعتمدية العروسة. علما وأن وزارة الداخلية أفادت في بلاغ لها في هذا الشأن أن موقوفا ببيت الاحتفاظ بمركز الحرس الوطني بالعروسة على ذمة مركز الحرس الوطني ببوعرداة معتمدية قعفور قام يوم الاثنين بالانتحار بواسطة خيط معطفه داخل بيت الاحتفاظ. وبينت الوزارة أن الهالك كان قد تورط في قضية عدلية موضوعها «اقتحام منزل آهل بالسكان واستعمال التسور دون إرادة صاحبه والتهديد بما يوجب عقابه جنائيا والاعتداء على الأخلاق الحميدة والسكر الواضح وحمل سلاح أبيض دون رخصة». وقد قام حوالي 30 شخصا من أقارب الهالك ومن متساكني الجهة بالتجمع أمام مقر الحرس الوطني ببوعرادة ثم تفرقوا في ظروف عادية. وبمراجعة النيابة العمومية أذنت لفرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس بقعفور بالبحث في الموضوع.
من جانبه أكد المساعد الأول لدى المحكمة الابتدائية بسليانة وسيم بن عليج أن تقرير الطب الشرعي بخصوص الحادثة لم يصدر بعد لتحديد المسؤوليات والوقوف على أسباب الوفاة الحقيقية، مذكرا بأنه تمّ يوم السبت الفارط الاحتفاظ بمواطن أصيل معتمدية بوعرادة بمركز الحرس الوطني بالعروسة بتهمة اقتحام محل الغير عنوة باستعمال سلاح ابيض، وخلال الإبقاء على المتهم في حالة إيقاف لاستكمال الإجراءات كاملة وإعداد الملف وتقديمه إلى النيابة العمومية، تم التفطن إليه وقد فارق الحياة، ويرجح أن يكون قد انتحر مستعملا خيطا كان بمعطفه، لم يقع التفطن إليه عند وضعه في حالة إيقاف، وفق رواية رئيس الحرس الوطني بالعروسة.
احتجاز شاحنة لنقل الفسفاط بالمكناسي..
قبل ساعات من زيارة وفد وزاري لها، شهدت معتمدية المكناسي من ولاية سيدي بوزيد بدورها احتجاجات ليلية، ليلة أول أمس، وقام المحتجون بإشعال العجلات المطاطية في الطريق الرئيسية واحتجاز شاحنة لنقل الفسفاط وإفراغها على مستوى الطريق الوطنية عدد 14 الرابطة بين ولايتي صفاقس وقفصة وذلك للمطالبة بضرورة تطبيق اتفاق 17 نوفمبر 2017 المتعلق بإمضاء عقود العمل للناجحين في مناظرة الفسفاط، قائمة 164، وتسوية وضعية معتصمي «هرمنا» وتفعيل العقود الممضاة منذ ما يزيد عن 5 أشهر وكذلك القانون القاضي بتشغيل فرد من كل عائلة إلى جانب تفعيل عدد من المشاريع المتخذة لفائدة الجهة. ويشار إلى أن وفدا وزاريا كان قد تحول أمس إلى الولاية ضمّ كلا من وزيري الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، سمير الطيب، والتجارة، عمر الباهي وكاتب الدولة للمناجم، هاشم حميدي للاطلاع على مدى تقدم تنفيذ القرارات التي أعلنت عنها الحكومة اثر استشهاد خليفة السلطاني (جوان 2017). علما وأن زيارة الوفد الوزاري سبقها إصدار عدد من المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية بمعتمدية الرقاب وتنسيقية اعتصام الحسم والتنسيقية المحلية لعمال الحضائر بالجهة بيانا عبرت فيه عن رفضها زيارة الوفد الوزاري التي وصفوها بالاستعراضية والكرنفالية لهذه المعتمدية.
تواصل الاحتجاجات في سجنان
أما بالنسبة لمعتمدية سجنان من ولاية بنزرت، فقد تواصلت فيها الاحتجاجات لأيام مع تنفيذ إضراب عام والتهديد بالتصعيد وذلك استجابة لدعوة الاتحاد المحلي للشغل ، حيث أغلقت بموجبه المرافق العمومية والمدارس، وقد شهدت الجهة مواجهات أمام منطقة الحرس الوطني بين محتجين رشقوا الوحدات الأمنية بالحجارة وهو ما دفع بقوات الأمن الى استعمال قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ويأتي الإضراب العام على خلفية المطالبة بالتنمية وكذلك بسبب رفض السلطات الحوار الجدي لإيجاد حلول جذرية لمشاكل الجهة ، وطالب المحتجون بتمتيع المنطقة بالمرافق الصحية، والتعليم والتنمية والتشغيل معتبرين أن سجنان ظلت طيلة كل هذه السنوات منطقة مهمشة ومفقرة مطالبين بعقد مجلس وزاري خاص بها، وللتذكير فان حالة الاحتقان أتت على خلفية وفاة سيدة أضرمت النار في جسدها منذ حوالي الأسبوع بسبب قطع صرف منحة إعانة كانت تتمتع بها .