في الجلسة العامة المخصصة للتصويت على منح الثقة للتحوير الوزاري: جلسة محاسبة وتقييم لستة أشهر من أعمال حكومة الوحدة الوطنية

يبدو أن الجلسة العامة المنتظر عقدها بمجلس نواب الشعب يوم الجمعة القادم، والمخصصة لمنح الثقة للوزيرين الجديدين ستتحول إلى جلسة محاسبة وتقييم لستة أشهر من عمل الحكومة. نواب الشعب سيطرحون عديد النقاط الهامة من بينها موضوع مكافحة الفساد في علاقته بحذف الوزارة المعنية

ليكون الموضوع الرئيسي خصوصا وأن نتائج التصويت تبدو محسومة نوعا ما.
بعد صدور قرار مكتب المجلس الأخير، القاضي بعقد جلسة عامة يوم الجمعة 17 مارس 2017 للتصويت على منح الثقة لعضوي الحكومة الجديدين تبعا للتحوير الوزاري حسب ما تضبطه مقتضيات الفصل 144 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، تستعد الكتل البرلمانية إلى الاجتماع من أجل توضيح موقفها وتحديد المواضيع التي سيتم تناولها خلال الجلسة، خصوصا وأن المكتب اعتبر أن هذه الجلسة ستكون فرصة للحوار مع الحكومة حول الوضع العام في البلاد واهم المشاغل والقضايا التي تهم التونسيين.

إجراءات منح الثقة
الفصل 144 من النظام الداخلي ينص بالأساس على أنه «يوزع على أعضاء المجلس قبل افتتاح الجلسة المتعلقة بالتصويت على منح الثقة لعضو من الحكومة، ملف يتضمن بيانا مختصرا حول سبب التحوير وتعريفا موجزا بعضو الحكومة المقترح. إذا تقرر إدخال تحوير على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها فإن ذلك يتطلب عرض الموضوع على المجلس لطلب نيل الثقة. ويتولى رئيس الجلسة التقديم الموجز لموضوع الجلسة ثم تحال الكلمة إلى رئيس الحكومة ليتولى التقديم الموجز لسبب التحوير والتعريف المختصر بالعضو أو الأعضاء المقترح ضمهم للحكومة ثم يتم التصويت على الثقة بتصويت منفرد لكل عضو وفي المهمة المسندة اليه. ويشترط لنيل ثقة المجلس الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء».

أغلب الكتل البرلمانية لم تحسم موقفها النهائي للتصويت على منح الثقة للتحويرين بالرغم من أن المشهد واضح تماما بالنسبة للكتلتين الأغلبيتين وهما كتلتا حركتي النهضة ونداء تونس، وبصفة أقل كتلة آفاق تونس، في حين لا تزال بقية الكتل كمشروع تونس والاتحاد الوطني الحر والجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية في تشاور حول المواقف الذي سيتم اتخاذها. لكن في المقابل، فإن الأهم في هذه الجلسة باعتبار أن التصويت على منح الثقة يبدو أمرا محسوما ولا مفر منه مع غياب المفاجئات بخصوص المواضيع التي سيطرحها نواب الشعب خلال النقاش العام بحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد وفريقه الحكومي.

التصويت محسوم
عملية التصويت على الوزراء وإن كانت ستكون بالنسبة لكل وزير على حدة، ولكن حسب التوجهات فإن الأغلبية ستكون مضمونة تقريبا بعد تأكيدات نواب حركتي نداء تونس (66نائبا) والنهضة (69نائبا) وآفاق تونس (10 نواب) بالتصويت لتضمن بذلك 145 صوتا، بغض النظر عن بقية الأصوات 72 صوتا لبقية الكتل التي يبدو أنها ستصوت ضد أو مع ونعني بذلك الكتل المعلنة لعدم مساندتها للحكومة وهي حركة مشروع تونس(21 نائبا)، الاتحاد الوطني الحر (11 نائبا)، الكتلة الديمقراطية (12 نائبا) كتلة الجبهة الشعبية (15نائبا)، غير المنتمين (12نائبا).
المواقف الأولية بدت محسومة في انتظار اجتماع مختلف الكتل بهياكلها الحزبية من أجل إصدار المواقف الرسمية، قبل موعد الجلسة العامة. لكن في المقابل، هناك فرضية أخرى، وهي التصويت بالإجماع على وزير الشؤون الدينية أو في الأغلب تتغير نتائج التصويت مقارنة بالعضوين الآخرين باعتبار أن هذا المنصب كان شاغرا وترأسه وزير العدل غازي الجريبي بالنيابة.

مناقشة أسباب حذف وزارة الحوكمة
نواب الشعب سيقومون بعملية تشخيص شاملة لستة أشهر من عمل الحكومة في جميع القطاعات، خصوصا في ما يتعلق بوضعية الجهات والتنمية وذلك لتهيئة المجال والأرضية الملائمة قبل الانطلاق في مناقشة مخطط التنمية 2016/ 2020 صلب الجلسة العامة. ويعتبر موضوع مكافحة الفساد في علاقته بدمج وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة الرشيدة برئاسة الحكومة، وحذف خطة الوزير بعد رفض خليل الغرياني هذا المنصب. وفي هذا الإطار، أجمع كافة النواب من مختلف الكتل البرلمانية على ضرورة التعرف على ملابسات هذا التحوير في علاقة بإقالة وزير الوظيفة العمومية عبيد البريكي وما راج من تصريحات حول عدم نية الحكومة في مكافحة الفساد.
المعارضة وكتلة مشروع تونس بالأساس اعتبرتا أن موضوع إقالة البريكي وحول إستراتيجية حكومة الوحدة الوطنية في مكافحة الفساد والتصدي له، أمر تم الاتفاق حوله في وثيقة قرطاج، إلا أن حذف هذه الوزارة يطرح عديد التساؤلات حول جدية الحكومة في التعاطي مع مثل هذا الملف، بالإضافة إلى تقديم عديد التساؤلات حول أسباب عدم التشاور مع الأطراف الممضية على وثيقة قرطاج.

جلسة محاسبة وتقييم
النقاش العام والذي سيوزع بين الكتل سيقوم على أساس تقييم أعمال الحكومة لمدة الأشهر الستة الأخيرة منذ منحها الثقة، وذلك بعد الوقوف على أسباب هذا التحوير، ومدى التزام الحكومة بما ورد في وثيقة قرطاج ومتابعة مدى تنفيذ الأولويات التي تم تحديدها من قبل الحكومة في خطاب الشاهد خلال جلسة منح الثقة كمكافحة الفساد على سبيل المثال والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الكبرىّ. وقد عبر نواب الشعب عن نيتهم في ضرورة الحصول على كافة المعلومات والرؤية المستقبلية للحكومة بعيدا عن الخطابات الرنانة والكلام الفضفاض والشعارات غير القابلة للتطبيق.
جلسة منح الثقة للتحوير الوزاري ستكون بمثابة جلسة محاسبة لحكومة يوسف الشاهد خصوصا من قبل نواب المعارضة والكتل التي أعلنت عدم مساندتها لحكومة الوحدة الوطنية مثل الاتحاد الوطني الحر ومشروع تونس، وهو ما يجعل الشاهد أمام مهمة صعبة من أجل إقناع كافة الأطراف بخطئه المستقبلية، وأسباب وجيهة لإجراء مثل هذا التحوير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115