مبادرة تشريعية تتعلق بمنع النقاب في الفضاء العام: ويعود الجدل...

يعاد فتح ملف «منع النقاب» مرة أخرى على الساحة السياسية بعد تقديم كتلة الحرة مبادرة تشريعية تتعلق بمنع إخفاء الوجه في الفضاءات العمومية. مشروع القانون المذكور من المنتظر أن يحدث ضجة في مجلس نواب الشعب باعتباره أمام امكانية عودة الجدل بين قائل بأنه من خانة الحرية الشخصية والمطالب بالمنع من منطلق مقاومة الإرهاب.

أودعت الكتلة الحرة يوم أمس مقترح قانون في شكل مبادرة تشريعية بمكتب الضبط بمجلس نواب الشعب يتعلق بـ «منع إخفاء الوجه في الفضاءات العمومية»، ممضاة من قبل النواب عبد الرؤوف الشريف، محمد نجيب الترجمان، سهيل العلويني، مريم بوجبل، الصحبي بن فرج، رابحة بن حسين، صلاح البرقاوي، خولة بن عائشة، رؤوف الماي، مصطفى بن أحمد.

ويهدف مقترح هذا القانون حسب ما بينته النائبة خولة بن عائشة من ناحية أولى إلى تطوير المنظومة العقابية في مجال مكافحة الجريمة والكشف عن مرتكبيها والى تعزيز القدرة على الوقاية من الجريمة الإرهابية خصوصا، والى حماية الأمن العام وحقوق الغير. كما يهدف إلى تجسيد أحكام الدستور والمعاهدات التي صادقت عليها الجمهورية التونسية في ما يتعلق بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز، وزجر الممارسات المخالفة لذلك المبدأ، وحماية الأطفال القصر من كل أشكال العنف الجسدي والعقلي.

الغاية هي مكافح الإرهاب ومشكل الحريات الفردية
مشروع القانون المقدم من قبل كتلة الحرة من المنتظر أن يحدث ضجة في البرلمان، حيث اعتبره البعض سيضع كتلة حركة النهضة في مأزق بين الاختيار والرفض، حيث سيكون الرفض في شكل رفض لمكافحة الإرهاب. لكن في المقابل، ترى الكتلة الحرة حسب ما صرح به النائب صلاح البرقاوي لـ»المغرب» أن الغاية من مشروع القانون هي مكافحة الإرهاب الذي بات يهدد البلاد التونسية، إلى جانب أن النقاب يهدد الأمن العام من ناحية إخفاء الوجه، مشيرا إلى أن تقديم مشروع القانون في هذا الوقت بالذات ليست له علاقة بالبحث عن الجدل أو الظهور الإعلامي وإنما في إطار إعلان الحرب على الإرهاب ومكافحته والوقاية منه.

وفي شرح أسباب مشروع القانون، تم التنصيص على أهمية تعزيز كل أشكال المراقبة على التحركات الإرهابية حماية لأمن البلاد والأفراد ومواجهة كل أساليب التخفي التي ينتهجها الإرهابيون للتفصي من المراقبة. لكن المشكل الذي سيطرحه مشروع القانون هو مسألة الحريات الفردية ومنها حرية اللباس المضمونة في الدستور، وهو ما نصت عليه الكتلة الحرة التي ترى أنه حتى وإن كانت للشخص الحرية في اختيار ملبسه، باعتبار أن ذلك يمثل عنصرا من عناصر الحرية الشخصية للفرد، كحريته في التعبير عن قناعاته العقائدية، فان الحياة داخل المجتمع تقتضي أن تكون للحرية الفردية ضوابط مستمدة من اعتبارات الأمن والنظام العام واحترام حقوق الغير في نطاق ما اقتضته أحكام الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أن «الأمن الوطني امن جمهوري، واته مكلف بحفظ الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون، في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التام».

واعتبر نواب الكتلة الحرة أن الظهور في الفضاءات العامة بوجه مخفي من شأنه أن يعيق الجهد الأمني في التوقي من الجريمة، كما انه يجرد المراقبة الالكترونية من كل فاعلية وجدوى. يضاف إلى ذلك أن مثل هذا السلوك لا يسمح بان تجرى المعاملات بصورة طبيعية بين المواطنين ولا بإسداء الخدمات الإدارية بشكل قانوني. فالظهور بوجه مخفي يتضمن نيلا من حق المعاقد في اختيار معاقده ومن حق العون الإداري في التعرف على هوية طالب الخدمة ومن حق مدير المدرسة في التأكد من أن من يسلمه التلميذ هو وليه إلى آخر ذلك من الحالات.

استثناءات في إخفاء الوجه
من جهة أخرى، بينت الكتلة أن مشروع القانون لم يخل من مراعاة بعض الحالات التي يكون فيها الشخص مضطرا إلى اتخاذ زي يخفي وجهه، فاستثناها من المنع، كما قد يكون الشخص مجبرا بموجب القانون أو التراتيب على ارتداء زي يخفي وجهه. وقد يكون إخفاء الوجه أحيانا أخرى مبررا بأسباب صحية أو لازما لتعاطي نشاط رياضي أو للمشاركة في احتفالات أو أنشطة فنية أو تقليدية.

واعتبر نص المشروع أن إجبار المرأة لمجرد كونها امرأة على ارتداء زي يخفي وجهها يمثل شكلا من أشكال التمييز والعنف ومساسا بمبدأ المساواة بين الجنسين، واعتداء على الكرامة البشرية وممارسة مخالفة لما نص عليه الفصل 23 من الدستور والمواد 05 و07 و12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو ما يبرر العقاب الذي وضعه مقترح القانون لزجر مثل هذا الممارسة.

أراء بقية الكتل بخصوص مشروع القانون لم تكن واضحة باعتبار أن أغلبهم لم يطلع على مشروع القانون، لكن في المقابل من المنتظر أن يجتمع مكتب المجلس في بداية الأسبوع القادم للنظر في مشروع القانون وإحالته على اللجنة المختصة لمناقشته والأقرب أنها ستكون لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية.

خاص: نسخة من المبادرة التشريعية
مقترح قانون يتعلق بمنع إخفاء الوجه في الفضاءات العمومية

الفصل 1: يمنع الظهور بالفضاءات العمومية في زي يخفي الوجه (يمنع في الفضاءات العمومية ارتداء زي يخفي الوجه).

الفصل 2: تعد فضاءات عمومية على معنى الفصل الأول من هذا القانون الأماكن التالية:
الأماكن المفتوحة للعموم.

الأماكن التي يكون النفاذ إليها حرا ولو بشروط.
المؤسسات والمحال التجارية والصناعية.

المؤسسات البنكية.

الموانيء ومحطات النقل البري.
وسائل النقل العمومية.

الأماكن المخصصة لإدارة مرفق عام سواء كانت المؤسسة التي تتولى ذلك عمومية أو خاصة.

ولا تسري مقتضيات الفصل الأول من هذا القانون إذا كان ارتداء الزي الذي يخفي الوجه واقعا بمقتضى نصوص قانونية أو ترتيبية أو إذا كان مبررا بأسباب صحية أو دواعي مهنية أو مناخية أو كان من مستلزمات ممارسة أنشطة رياضية أو إقامة احتفالات أو تظاهرات فنية أو تقليدية.

الفصل 3: يعاقب كل من يخالف أحكام الفصل الأول من هذا القانون بالسجن لمدة خمسة عشر يوما وبخطية قدرها أربعة دنانير وثمانمائة مليم أو بإحدى العقوبتين.
وفي صورة تكرار المخالفة يكون العقاب بأقصى العقوبات المقررة بهذا الفصل.

الفصل 4: كل من يحمل غيره من الأشخاص لأسباب تتعلق بجنسه على ارتداء زي يخفي وجهه بواسطة التهديد أو العنف أو الجبر أو تحت تأثير ما له عليه من السلطة أو النفوذ يعاقب بالسجن لمدة عام واحد وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار.
ويضاعف العقاب إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115