الجبهة الشعبية تعقد ندوتها الوطنية: تونس أفضل... ممكنة

عبد المجيد المسلمي ( عضو الجبهة الشعبية)
تعقد الجبهة الشعبية ندوتها الوطنية الثالثة في ضرف سياسي يتميز بأزمة الائتلاف اليميني الحاكم بشقه المحافظ ( النهضة) و شقه الليبيرالي ( نداء تونس والآخرون). فمن جهة يبدو هذا الإئتلاف و بعد أكثر من 15 شهرا من الجكم عاجزا على إيجاد حلول اقتصادية

واجتماعية فعالة للأزمة التي تعيشها البلاد. و من جهة ثانية تشهد مكونات هذا الإتلاف صراعا محموما فيما بينها و تصدعا عميقا لأبرز أحد مكوناتها ( نداء تونس). وقد شهدنا في الأونة الأخيرة انزياحا للحكم صوب حركة النهضة وأصبحت رئاسة الحكومة رغم استقلاليتها الظاهرية أقرب إلى النهضة في سياساتها و توجهاتها و كأنها تعكس بصورة ضمنية تغير موازين القوى داخل المجلس حيث أصبحت المرتبة الأولى من نصيب كتلة النهضة. في هذا الظرف تتجه أنظار التونسيات والتونسيين إلى بديل سياسي قد يحيي لديهم الأمل في تحقيق طموحاتهم في التنمية والعيش الكريم.

الندوة الوطنية: رسائل أمل للتونسيين والتونسيات
بدون أدنى شك فإن ما ينتظره المواطنون من هذه الندوة الثالثة ليس قوالب إيديولوجية او أطروحات نظرية وإنما إجابات حقيقية على مشاغلهم اليومية. ويمثل التحدي الإرهابي أكثر المعضلات الراهنة. و الجبهة الشعبية التي كانت على رأس قاءمة من استهدفهم الإرهاب كانت دوما ولا تزال في الصفوف الأمامية لمقاومة هذا الإجرام المنظم. وهي مطالبة بان تقدم المقترحات والحلول من اجل مقاومة أكثر نجاعة و فاعلية لمقاومة هذه الأفة الخطيرة. وتمثل البطالة إحدى التحديات الكبرى في مجتمعنا. وقد عجزت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة منذ 5 سنوات أن تخفض نسبتها تحت سقف 15 بالمائة. و نعتبر أنه إذا لم تنخفض تلك النسبة تحت سقف 10 ٪ فلا يمكن الحديث عن استقرار اجتماعي و سياسي في بلادنا. إن محور البطالة يحيل إلى ضرورة مراجعة سياسة التشجيع على الإستثمار و تأكيد ما يذهب إليه عديد المختصين حول عودة الدولة للإستثمار نظرا لضعف و هشاشة الرأسمالية الوطنية و تثمين الدور الإستراتيجي للفلاحة وإرساء سياسة جديدة للتكوين المهني ( الباكالوريا المهنية مثلا) و الإتجاه نحو الإستثمار في تكنولوجيات الإعلامية والإتصال TIC والتركيز على

المؤسسات الصغرى و المتوسطة...و تمثل مقاومة الفقر التي يرزح تحتها ما يقارب 20 ٪ من التونسيين إحدى اولويات الجبهة الشعبية مما يتطلب توفير أدنى متطلبات الحياة لتلك الفئات من غذاء و علاج و نقل و سكن.. كما يمثل انخرام التوازن الجهوي إحدى المعضلات الإستراتيجية لمجتمعنا. فمن الضروري أن تطرح الجبهة الشعبية في إطار التمييز الإيجابي برامج لفك العزلة عن تلك الجهات بمد الطرقات السيارة و شبكة السكك الحديدية وتشجيع الإستثمار فيها و وتحسين جودة الخدمات في ميادين الصحة والتعليم و البيئة..و تمثل معضلة الجباية عائقا كبيرا للتنمية في بلادنا. فهي من جهة مورد رئيسي لميزانية الدولة و هي من جهة ثانية محرك للتنمية عبر الحوافز الجبائية لدعم الإستثمار في مناطق او في ميادين معينة. و تمثل المقدرة الشرائية للطبقات الشعبية وظروف عيشها أحدى الإهتمامات الرئيسية للجبهة سواء تعلق الأمر بالتحكم في الأسعار ( مواد استهلاكية أساسية..النقل...السكن) او تحسين الخدمات ( صحة نقل خدمات بلدية امن..) أو تحسين الأجور و الترفيع في الأجر الأدنى. إن الفساد المستشري في البلاد يؤدي حسب الدراسات العلمية إلى خسارة نقطتين في نسبة النمو وكذلك الحال لأفة التهريب و كليهما تمثل تحديات كبيرة لإقتصادنا الوطني. و على مناضلي الجبهة الشعبية أن يصيغوا التوجهات والإقتراحات لمواجهة هذه الآفات المستشرية في مجتمعنا.

رص صفوف المعارضة الديمقراطية الإجتماعية
يخطئ من يقلل من دور المعارضة. أما من يسعى إلى تقزيمها فهو واهم لا يرجى شفاؤه. و في هذه المرحلة بالذات فإن المعارضة ضرورة حيوية لا بل استراتيجية لنجاح الإنتقال الديمقراطي. و قد تمكنت الجبهة الشعبية وعديد الأطراف التي شاركتها بعض التوجهات و رغم محدوية عدد النواب من التاثير على مجرى الاحداث و منع الحكم من ارتكاب حماقات في حق التونسيين سواء تعلق الأمر بالهيئة المستقلة للقضاء أو المحكمة الدستورية أو قانون المصالحة أو قانون المالية والإحتجاجات الإجتماعية...و غيرها. حقا لقد لعبت الجبهة الشعبية وفي المقدمة كتلتها البرلمانية دورا هاما في تعديل ميزان القوى وتعديل التوجهات للحكومة و أجبرتها في عديد المرات على التراجع و التنازل. إن التحدي الأكبر والمهمة الإستراتيجية المطروحة على الجبهة الشعبية في المرحلة القادمة هي أن تكون القاطرة الحقيقية للمعارضة الديمقراطية الإجتماعية. ففي المستقبل نتوقع أن يشدد التحالف اليميني من سياساته الليبرالية عبر ما يسميه الإصلاحات المؤلمة مما يستدعي توسيع جبهة المعارضة لكل أطراف الطيف الديمقراطي الإجتماعي لمواجهة تلك السياسات التي ستكون مؤلمة على الطبقات الشعبية إن تم تمريرها. ولا نستبعد أن يلتجئ نظام الحكم في المستقبل إلى القمع و كبت الحريات و التضييق على النشاط السياسي و على الإعلام و تجريم الإحتجاجات الإجتماعية والإضرابات كما شهدنا نماذج منه في المفترة المنقضية. و هو ما يجعل من معركة الحريات معركة أساسية تحشد أوسع طيف ممكن من المدافعين عن الحرية و حقوق الإنسان.

إن المعارضة الديمقراطية الإجتماعية لا تقتصر فقط على الأحزاب التي تشكل نواتها الأساسية. بل تشمل أيضا جمعيات و منظمات و شبكات و شخصيات وإعلاميين... تشكل نسيجا واسعا و منتشرا في جميع الجهات والقطاعات. والمطلوب ليس دمجها تنظيميا او هيكليا وإنما المطلوب هو تشبيك résautage لهذه الطاقات وتجميعها وتوحيدها في معارك اجتماعية وسياسية وطنية أو جهوية أو قطاعية. ففي مواجهة قانون المصالحة مثلا تحركت احزاب و منظمات و جمعيات في نفس الوقت ووحدت طاقاتها من اجل نفس الهدف. فهي تسير كل على حده وكل تحت رايته و لكنها تسير نحو نفس الهدف.

إن معارضي اليوم قد يصبحون في السلطة غدا. هذا قانون الديمقراطية و الذي اظهرته لا فقط تجربة اليلدان العريقة بل أيضا تجربتنا الديمقراطية الفتية. و لكن و حتى تنجح في نيل ثقة الناخبين و الناخبات لتكون في الحكم عليك أن تكون قبل ذلك معارضا ناجحا. و هذا هو رهان الجبهة الشعبية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115