المساواة في الميراث .. حكومة غير معنية بالانتخابات .. المشروع السياسي للشاهد .. الحديث عن تأجيل الانتخابات .. اقالة وزير الطاقة وإطارات عليا بالوزارة .. إضرابات قطاعية: بداية مجنونة لسنة سياسية كل الضربات فيها مباحة !!

كان الجميع يتوقع سنة سياسية ساخنة خاصة عندما نعلم أنها سنة ستمتد على حوالي ستة عشر شهرا،

تبدأ مع بداية سبتمبر 2018 وتنتهي بأداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية في أواخر ديسمبر 2019 مرورا  بالانتخابات التشريعية في سبتمبر أو أكتوبر 2019.وضخامة هذه الرهانات تجعلنا نخشى انفلاتات عدة من عمليات تشويه متبادلة ومطابخ سياسية لترويج الإشاعات والإشاعات المضادة ..
والخوف كل الخوف هو أن تطغى الضربات تحت الحزام على صراع الأفكار والبرامج ..

وعندما نلتفت إلى هذه الأيام الأخيرة نرى أن هذه السنة السياسية قد انطلقت بوتيرة جنونية إذ يكاد كل يوم يأتي بالجديد المثير من الحجم الثقيل ..

يمكن أن نقول بأن هذه السنة قد انطلقت مع خطاب رئيس الدولة يوم 13 أوت حيث أعلن عن نيته تقديم مبادرة تشريعية للمساواة في الميراث مع ترك حرية اختيار النظام الحالي لقسمة التركة لمن يرغب في ذلك من المورّثين في قائم حياتهم .

ثم تتالت الأحداث والتصريحات والمخططات خلال هذه الأسابيع الثلاثة الأخيرة بدءا بالجدل الصاخب حول المبادرة الرئاسية وصولا إلى إقالة وزير الطاقة وكاتب الدولة للمناجم وثلاثة مديرين عامين على خلفية الوضعية القانونية لحقل «حلق المنزل» وما ثار حولها من سجال واتهامات متبادلة بين أنصار الحكومة وخصومها ..

لا نريد أن نعيد كل أحداث الأيام الأخيرة فجلها حاضر في ذهن القارئ الكريم ولكن نقول فقط أن كل ما حصل فيها من احتمال تأجيل الانتخابات إلى دعوة يوسف الشاهد لإعلان نواياه السياسية الفعلية إلى تكتلات نيابية وحزبية هذا دون الحديث عن الزمن الاجتماعي الساخن منذ البداية وكذلك الزمن القضائي الذي يلقي بظلاله خاصة في قضية ما يعرف بالتآمر على امن الدولة وما قد ينجر أيضا عن حملة الإقالات الأخيرة في قطاع الطاقة ..كل هذه الأحداث الضخمة مرتبطة بخيط يربط بينها ويؤثر على طبيعة الصراعات الخفية والمعلنة في هذه السنة السياسية ، وكأن هنالك رغبة جامحة في إحلال الصراع بين أنصار حكومة الشاهد وخصومها في جوهر كل الصراعات أي في جوهر الرهان الأساسي لهذه السنة السياسية وهكذا يكون كل تحرك أو قرار أو تصريح وفق هذه الخانة الوحيدة ..

يحصل كل هذا ونحن في الأسبوع الأول من سبتمبر 2018 والبرلمان مازال في حالة عطلة والعودة المدرسية مازالت تفصلنا عنها 10 أيام .
الواضح أننا أمام أزمة ستتفاقم بصفة استثنائية وقد تشهد ذروتها عندما تتضافر كل الأزمنة السياسية والاجتماعية والمجتمعية (قضية الميراث ) والاقتصادية والقضائية مع بعضها البعض ..

وعنصر التأزيم ومستودعه الموضوعي هو بلا شك حكومة الشاهد . اليوم لا يمكن لهذه الحكومة أن تقدم على شيء ما دون أن تتهم مباشرة ،عن خطإ أو عن صواب ، إما بزيادة تردي الأوضاع أو بالشعبوية الطامحة لاستمالة أجزاء من الرأي العام قصد تحويلها إلى قوة انتخابية تسند المشروع السياسي المفترض ليوسف الشاهد .
هل بإمكان الحكومة اليوم في ظل هذا الاستقطاب الحاد حولها ان تواصل عملها لفائدة البلاد ؟ هل يمكنها أن تحافظ على دعم برلماني ولو نسبي دون أن يفصح رئيسها عن حقيقة مشروعه السياسي كما طالبته بذلك حركة النهضة سنده الموضوعي الأساسي داخل قبة باردو ؟
لا يمكن لبلاد أن تنجز ولو إصلاحات بسيطة في مناخ عام يشوبه الارتياب المتبادل الشامل والكلي وفي غياب دعم واضح وجدي لأغلبية حكم منسجمة ..

لقد أنقذت حركة النهضة حكومة الشاهد في ربيع وبداية صائفة هذه السنة وسمحت له بالصمود أمام خصومه من داخل حزبه أولا ومن قيادة المنظمة الشغيلة ثانيا .. ولكن النهضة عبرت بوضوح أنها لن تساند يوسف الشاهد لو كان يريد أن يجعل من عمله الحكومي اليوم منصة انطلاق لتحقيق مشروع سياسي سنة 2019 ..
في بداية هذه السنة السياسية الجديدة ستتضافر قوى عديدة ضد صاحب القصبة وواضح أن كل الأطراف لها مطابخ سياسوية لا تتورع عن الضرب تحت «السنتورة» كما يقال وسوف نرى شيطنة للحكومة من جهة ولخصومها أيضا و ضغط متزايدا من كل هذه الأطراف للاصطفاف في هذه المعركة السياسوية المفروضة على الجميع ..
هل تتحمل بلادنا استقطابا بمثل هذه الحدة؟ وهل يمكن فعلا إنقاذ الاقتصاد وإنقاذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية في مثل هذه المناخات؟ تكمن الحالة المثلى في إيجاد ميثاق أخلاقي بين مختلف الفرقاء ولكن في استحالة ذلك على الأرجح ينبغي على رئيس الحكومة أن يستبق ذروة الأزمة القادمة وأن يفصح نهائيا عن مشروعه السياسي، إن كان له مشروع ، وان يجنب الدولة أن تكون حقل ألغام بينه وبين خصومه ..

البلاد والعباد والاقتصاد يحتاجون إلى شيء من التهدئة حتى لا تضيع هذه السنة القادمة على الجميع ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115