سيادة الرئيس ...

بعد نشوة الحرية في 14 جانفي 2011 ، تسرّب الشك والخوف لفئات واسعة من الشعب في نهاية الثلاثية الأولى لسنة 2011 ، ثم سنة 2013 ، و قام أمل

نفس الفئات في أن تتبدّد كل مشاعر الخوف نهائيا و أن تحل حقبة جديدة تتحقّق فيها الوعود الّتي بشّرتم بها بمعية كل من كانوا معكم في الصفوف الأمامية من حساسيات مختلفة.
أملٌ في توفير مناخ ديمقراطي يتحقّق فيه الرخاء و تتحصّن فيه الكرامة ،وتستتبُّ فيه السلم الاجتماعية.
سيادة الرئيس
انتصر الحزب الّذي أسستموه في الانتخابات التشريعية و اعتليتم هرم السلطة و كسبتم شرعية الصندوق الّذي منحكم ثقة أغلبية الناخبين، الحالمين في قيام جمهورية ثانية تعبُرُ إلى مرحلة بناء دولة القانون و المؤسّسات في كنف دستور جديد محمّل بتطلعات كل الفئات، في المساواة والعدل و إعلاء قيم الجمهورية المدنية و الديمقراطية.
كان المنتظرُ منكم دعوة الحزب أو الائتلاف المتحصل على أكثر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب إلى تكوين حكومة طبق ما يقتضيه الدستور، ولكن خيّرتم البحث عن التوافق مع حزب النهضة الفائز الثاني في الانتخابات التشريعية وعن معادلات محاصة حزبية ، وبرّرتم خياركم ببحثكم عن منهج وسطي، و تعلّلتم بعدم حصولكم على أغلبية برلمانية مطمئنة و مريحة.
ورغم شك البعض في وجود تعهدات أخرى غير معلنة مع زعيم النهضة أو غيره ، و رغم ما قيل عن مخاوف تأثير الدوائر المقرّبة والقريبة منكم ، لم يُصدّق الواثقون فيكم قولا ولكن شقوْا بحسن الظن فيكم (*)
لذلك بقي أمل ناخبيكم و من التحق بهم قائما و بقوا ينتظرون أن تنقشع سحب المصاعب الّتي خلّفتها فترة التأسيس والمراحل الانتقالية، وبقوا متطلعين للأمن والأمان، وتحقيق ما حمله برنامجكم الانتخابي من وعود ،و لكن فشلت الحكومة الأولى أو لم تتوفر لها امكانيات النجاح - كما يحلو للبعض قول ذلك - و تفككت السلطة وتوزعت مراكز النفوذ وتسرّب المدافعون عمّا سمي بالإسلام السياسي وحلفاؤهم إلى مختلف مفاصل الدولة بعد أن استفادوا من فترة حكم الترويكا والمراحل الانتقالية، فتمكنوا من المرور على أغلب وزارات السيادة وغيرها وزرعوا بذورا في كل منبت، فعينوا من شاءوا في مختلف الإدارات وبقيت التوصيات المضمنة بخارطة الطريق الّتي رسمها الرباعي الراعي للحوار بخصوص مراجعة التعيينات حبرا على ورق.
تصدّع الحزب الّذي أسستموه ، وتتالت الأزمات السياسية وتعمّق التأزم الاقتصادي وارتفعت الأسعار وتدهورت المقدرة الشرائية وتعطّل الاستثمار و تزايد التداين و بقيت الحكومة تدير الأزمات و «تهز ساق تغرق الأخرى» رغم أنكم كنتم وراء تشكيلها و كنتم وراء البحث عن سبل تحصينها ، ولكن ظهر أن لا أحزمة لها غير الأحزمة الّتي تريد نسفها.
سيادة الرئيس
عاش ناخبوكم ،مرحلة الشك و عانوا التخوّف بعد أن تمنوا ألاّ يُخذلوا و ألاّ يُحبطُوا، و ألاّ ينتابهم إحساس المخدوعين ، بل كانوا يكذّبون أنفسهم كلّما سجلت البلاد عثرة جديدة، و يتمسّكون بخيوط التفاؤل، لاعتقادهم بأنكّم تملكون صمّام الأمان، وأنكم بتجربتكم وحنكتكم، سوف تهتدون إلى أقوم المسالك لتجاوز كل المصاعب، لذلك كانوا ينتظرون كلما ضاق الأفق، أن تطلع عليهم، بأنجع الحلول والسبل لتجاوز الأزمات السياسية الّتي أصبحت تعصف بالبلاد .
انتظُروا.... كابدُوا حرارة الانتظار ... إلى أن صدمهم ذلك الحوار..
لقد انحسر الستار عن سوء خيار ...
ما كانوا يعتقدون أن يكون هاجس التوريث في دولة القانون والمؤسّسات معيارا للاختيار، لأن مصلحة الدولة لا تحتملُ أن يلتمسوا لكم فيها عذرا، لأن المجال لا تُقبل فيه الأعذار ...وتقبلها سيادة الرئيس دعوة غير مشفّرة،لمراجعة المسار إن بقى ذلك متاحا ،في مرحلة يبدو أنه يصعب ُفيها القرار...

(*)... اقتباس من قصيد «ثورة الشك» لعبد اللّه الفيصل بن عبد العزيز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115