سؤال «من أين لك هذا ؟» خطوة حاسمة في الطريق الصحيح

صادق مجلس نواب الشعب يوم أمس بما يشبه إجماع الحاضرين (126 مع ومتحفظ وحيد ودون اعتراض)

على مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح .. وهكذا رغم حالة انسداد الأفق التي يشعر بها جل التونسيين من جراء استفحال الأزمة السياسية وتعمقها نعيش بين الفينة والأخرى لحظات من الأمل وتتقدم بلادنا ، رغم كل شيء ، في الطريق الصحيح ..

من نافلة القول التذكير بأن الفساد تشعب وتعقد وتعمم بعد الثورة بحكم ضعف الدولة وأجهزتها الرقابية وبحكم قصور المنظومة التشريعية امام اصناف خاصة من الفساد وبفعل غياب الإرادة السياسية الجدية لمحاربة هذه الآفة التي تنخر بلادنا .

ينبغي أن نعترف للانصاف ، بأن جهودا حكومية ومؤسساتية تبذل من أجل الحدّ من هذا الورم الخبيث فهيئة مكافحة الفساد التي يرأسها العميد شوقي طبيب قد قامت بعمل كبير لتحسيس التونسيين بالمخاطر المحدقة بالبلاد كما أنها أصبحت عنوانا أساسيا لكل المبلغين عن الفساد المحميين ،نظريا، بقانون جريء في هذا المجال كما أن الحكومة قد أقدمت في السنة الفارطة

على حملة من الإيقافات شملت بعض رموز التهريب والفساد وقد استبشر آنذاك التونسيون بهذا السياسة ولكنها سرعان ما انكفأت بحكم تداعي قوى هامة لكي تنحصر هذه الحملة فقط في بعض الأسماء لا غير ..

رغم كل ذلك فهنالك تقدم تشريعي محمود يأتينا مع هذا القانون الذي صادق عليه يوم أمس مجلس نواب الشعب والذي عادة ما اخذ مسمى تلك القولة الشهيرة لعمر بن الخطاب « من أين لك هذا ؟» والمراد به محاسبة كل موظف عمومي أو أي مسؤول عمومي أو خاص بإمكانه الارتشاء من أجل تحقيق منافع ومكاسب غير مشروعة للغير ..

ننشر في هذا العدد النص الكامل الذي صوت عليه مجلس نواب الشعب وسوف يطلع القراء على كل المعنيين بالتصريح بالمكاسب وكذلك بالمصالح وهم 37 صنفا من رئيس الجمهورية إلى الأمناء العامين للنقابات والمنظمات الوطنية مرورا بجمع هام من مسؤولي الدولة المنتخبين نواب – أعضاء المجالس البلدية والمعينين في المسؤوليات في مختلف الوزارات إلى

الأمناء العامين للأحزاب والهيئات الرقابية والتعديلية إلى كل الإعلاميين .

هنالك عشرات الآلاف من المواطنين معنيون بهذا القانون والهيئة الدستورية التي ستسعى لحفظ ودراسة والتثبت من صحة هذه التصريحات هي هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وفي انتظار قيامها ستتولى هذه المهمة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ..

لاشك أن القانون ليس كافيا في حد ذاته فهو يتطلب إرادة سياسية قوية لإنفاذه وتطبيقه ولكن مجرد وجوده هو خطوة عملاقة في الطريق السليم وخطوة تحسب للحكومة الحالية ولمختلف الكتل النيابية من حاكمة ومعارضة إذ انعقد الإجماع الوطني الايجابي من اجل اخراج نص قانوني يكون احد الأعمدة الرئيسية لمكافحة الإثراء غير المشروع ومن ورائه كل شبكات الفساد

التي قد ينخرط فيها مسؤولون عموميون أو جمعويون او سياسيون أو إعلاميون ..

والمهم أيضا هنا هو نشر هذه التصاريح خاصة بالنسبة للمنتخبين، بما يتعارض مع حماية المعطيات الشخصية الفعلية وبما يسمح للمجتمع المدني وللإعلام أيضا بلعب دورهما الرقابي كذلك ..

المصادقة يوم أمس في مجلس النواب على مشروع القانون هذا كانت بمثابة شعاع شمسي في سمائنا الحالكة.. فما علينا إلا تنويع وتكرار هذه الأشعة عساها تبدد كل الغيوم المحيطة بسمائنا الجميلة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115