قد تنطلق أشغالها: في نهاية هذا الأسبوع هل تنقذ لجنة «خارطة الطريق» حكومة الشاهد ؟

•ما بين نصف الكأس الملآن للحكومة ونصفها الفارغ لاتحاد الشغل

تتسارع الأحداث في بلاد تعطي الانطباع بأن ساعتها قد تعطلت عن الدوران.. وهذه المفارقة تصلح لتوصيف جلّ ما يحصل في تونس خلال هذه الأسابيع الأخيرة ..
هنالك حالة من الغموض خيمت على البلاد بصفة كثيفة بعد اجتماع الممضين على وثيقة قرطاج يوم أول أمس واتفاقهم على صعوبة الأوضاع وعلى فشل الحكومة (النسبي للبعض والكلي للبعض الآخر ) في إدارتها بحكم غياب الجرأة والرؤية الواضحة والإصلاحات الهامة إما لتعلق هذا بغلبة المحاصصة الحزبية على الفريق الحكومي أو لضعف أداء عدد من الوزراء والمستشارين وكبار المسؤولين في الدولة ..

وبانتهاء اجتماع قرطاج بالاتفاق على تشكيل لجنة لوضع خارطة طريق دقيقة للخروج من الأزمة أخذت أزمة البلاد منعرجا جديدا ودخلنا في مرحلة لا يعلم أحد كيف ستكون مآلاتها..

اليوم وكما تقول جميع الأطراف الوازنة كل الاحتمالات ممكنة أي بعبارة أوضح كل شيء وارد ابتداء من ترميم حكومي يشمل بعض الوزراء والمستشارين في القصبة إلى تغيير جذري يغادر بموجبه يوسف الشاهد القصبة ولكن الوصول إلى هذه المرحلة يقتضي قبل ذلك إصدار خارطة طريق تفصيلية تتضمن برنامجا حكوميا تفصيليا..
وهنا مربط الفرس ،بل وهنا تتجلى الخطة التكتيكية لرئاسة الجمهورية: لجنة لامتصاص غضب الغاضبين ثم انتظار تعيين كل الأطراف التسعة لممثليها داخلها فالدعوة للاجتماع الأول فالاتفاق على منهجية العمل ..وكل هذا قد يستغرق بعض الأسابيع بل بعض الأشهر بما قد يغيظ اتحاد الشغل الذي يبدو الحريص الأول على سرعة انجاز أشغال هذه اللجنة فالانتقال مباشرة إلى تحديد ملامح الفريق الوزاري وربّان السفينة الجديد ولا نعتقد أن بقية الأطراف السياسية والاجتماعية تشاطر المنظمة الشغيلة نفس الحماس أو نفس الأهداف ..

كل تكتيكات الجولة القادمة هي تكتيكات التحكم في الروزنامة وربح رهان الوقت إما بالإسراع أو بالتمطيط الممل ..

تغيير حكومة خارج الأطر الدستورية الكلاسيكية عمل سياسي هام له نافذة زمنية محددة إن هو أنجز داخلها فستكون له حظوظ كبيرة للنجاح وإن تجاوزها فسيكون مآله الفشل ..

وهذا يعني أن كل الأطراف التي لا ترى ضرورة في الاستجابة الفورية لمطلب اتحاد الشغل بدءا برئيس الحكومة ذاته وبدرجة أقل رئيس الجمهورية وحزبي النداء والنهضة سوف تعمل على تمطيط الزمن حتى لا يحصل التحوير وفق تصور اتحاد الشغل وحتى لا تخرج المركزية النقابية من هذه الأزمة اكبر حجما وأعظم تأثيرا من ذي قبل ..
كل هذا دون أن ننسى موعدين أساسيين في هذا السياق وهما خطاب رئيس الجمهورية يوم عيد الاستقلال في 20 مارس الجاري والذي يتوقع أن يعلن فيه عن تصورات ومبادرات سياسية جديدة بعضها يتعلق بالأزمة السياسية الحالية وبعضها الآخر ببعض الإصلاحات ذات الطابع السياسي أو الاجتماعي وكذلك خطاب رئيس الحكومة يوم 23 مارس أمام مجلس نواب الشعب والذي سيقدم فيه نوعا من حصيلة حكومته بعد حوالي سنة وسبعة أشهر من استلامه مقاليد القصبة..

إذ سيحرص على تبيان «نصف الكأس الملآن» بعد أن هيمن في الأعلام توصيف اتحاد الشغل المتحدث عن فشل عام وعن مؤشرات كلها أخذت اللون الأحمر..

وقد تأتي في هذين الخطابين مبادرات أو أفكار قد تشغل الرأي العام والإعلام لمدة من الزمن وترجئ ،ضرورة، لجنة «خارطة الطريق» إلى الأبعاد الخلفية .. وبعد ذلك مباشرة تنطلق الحملة الانتخابية للبلديات في منتصف أفريل القادم وسيكون الحديث عن كل تحوير حكومي خارج السياق السياسي ..
والسؤال هنا هل سيقبل اتحاد الشغل بهذه الروزنامة المخطط لها جزئيا أو كليا من قصر قرطاج ؟

وان لم يقبل بها فما هي الحلول الممكنة بالنسبة له ؟ الخروج من وثيقة قرطاج ؟ قد تفكر بعض القيادات النقابية في هذا الاختيار ولكنه اختيار محفوف بالمخاطر لأنه قد يجعل المركزية النقابية خارج دوائر القرار الفعلية ويعرضها إلى استهداف ممنهج للحد من شوكتها وهذه السياسة قد تلاقي بعض التأييد عند التونسيين الذين نفد صبرهم من «الفوضى» ..
الواضح على كل حال أننا لسنا أمام معادلة سياسية جامدة بل نكاد نجزم أن عناصر التحول فيها قد تكون أهم من ثوابتها والرابح سياسيا في الأخير هو من يحكم التصرف في عامل الزمن ومن يقدر على استغلال النوافذ التاريخية التي تفتح أمامه ..
نحن أمام بداية دراما تونسية جديدة نعرف شخصياتها الأساسية ولكن السيناريو لم يكتب بعد ولا يدري أحد اليوم من سيكون البطل ومن سيكون الضحية ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115