رغم التحسن النسبي في التصدير مؤشرات اقتصادية سلبية في بداية هذه السنة

• أعلى نسبة تضخم منذ ثلاثة عقود (%6.9)
• تراجع احتياطي العملة الصعبة إلى 84 يوما للتوريد
• توقف كلي لنشاط المجمع الكيميائي وإعلان القوة القاهرة
• البرلمان الأوروبي يناقش اليوم قرار إدماج تونس في القائمة السوداء للبلدان المعرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب

بدأ يوم أمس بأخبار ايجابية حول الاقتصاد التونسي تعلقت بارتفاع نسبة التصدير خلال شهر جانفي 2018 بـ%39 مقارنة بنفس الشهر من السنة الفارطة ..ولكن كل الأخبار والمعطيات التي تهاطلت بقية اليوم كانت سلبية للغاية بل وخطيرة أيضا ..

• نبدأ بنسبة التضخم التي بلغت رقما قياسيا جديدا في جانفي 2018 ببلوغها %6.9 وهي أرفع نسبة عرفتها البلاد منذ 27 سنة وتؤكد بصفة قطعية بأنّنا دخلنا في دوامة تضخمية خاصة عندما نعلم أنه لو لا موسم التخفيض الشتوي وحملات الرقابة والردع التي قامت بها مصالح وزارة التجارة لتجاوزنا %7 بوضوح .
والمعلوم أن التضخم ينتج عنه مباشرة تآكل ادخار الأفراد والمؤسسات وهو يستوجب للحدّ منه رفعا جديدا لنسب الفائدة البنكية المرتفعة جدّا ولكن ترفيعا جديدا في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي سيؤثر بدوره سلبا على اقتراض المؤسسات الاقتصادية وبالتالي سهولة تمويلها، وهذا ما يعني فعلا أننا أصبحنا في دوامة قد يصبح التحكم فيها عسيرا إذا ما تواصل هذا النسق الجنوني للتضخم ..

• لا يمكننا أن نتحدث كثيرا عن التحسن الملحوظ في صادراتنا خلال شهر جانفي الماضي لان المعهد الوطني للإحصاء لم ينشر بعد على موقعه المعطيات التفصيلية لمبادلاتنا التجارية خلال جانفي الفارط ولكننا نعلم أن التصدير قد ارتفع بـ%39 مقارنة بجانفي 2017 وان نسبة التغطية (أي قيمة الصادرات بالنسبة لقيمة الواردات ) قد تحسنت بسبع نقاط كذلك .. ولكن هذا التحسن المحمود الذي سنعود إليه لاحقا لتحليل عناصره لم يمنع تواصل الضغوط الكبرى على مخزوننا من العملة الأجنبية والذي وصل يوم أمس إلى أدنى مستوياته منذ سنين طويلة بتسجيله لـ84 يوما للتصدير ..
يتفق خبراء المالية على القول بأن تسعين يوم للتصدير هو العتبة الدنيا وان ما تحتها ينذر ببعض المخاطر .. الواضح أننا لسنا بعد في حالة حرجة ولكن لو تواصلت الضغوط على العملات الأجنبية الأساسية فقد نصبح في وضعية لا تطاق ولكن يمكن القول منذ الآن بأن الوضعية الحالية ستجبر البنك المركزي على الحدّ من السيلان النقدي في ما يتعلق بالعملات الأجنبية وهذا سيؤثر مباشرة على تدفق عمليات تحويل المرابيح للشركات الأجنبية المستقرة في تونس وعلى تمويل التصدير أيضا، وسيجبر الدولة كذلك على الاقتراض من الأسواق الأجنبية حتى تحافظ على مخزون معقول من العملة الصعبة ..

• ونضيف إلى هذا خبرا كان متوقعا إلى حدّ كبير وهو التوقف الكلي لنشاط وحدات المجمع الكيميائي التونسي بفعل نضوب مخزونه من الفسفاط نتيجة لشلل الإنتاج بالحوض المنجمي بقفصة وهذا ما أجبر الإدارة العامة للمجمع على إعلان القوة القاهرة في كل وحداتها الإنتاجية حتى تتجنب خطايا التأخير في إمداد حرفائها الأجانب.. ولا يخفى على أحد الحجم الكبير للخسائر المادية وخاصة للخسارة المعنوية الكبرى إذ لا يمكن لبلد عاجز عن حماية أهم شركة اقتصادية وطنية من أن يكون جالبا لاستثمارات ضخمة أجنبية.

• الأخبار السيئة وصلتنا كذلك من خارج البلاد إذ بلغنا أن البرلمان الأوروبي سيناقش هذا اليوم في جلسة عامة مسألة إدراج تونس وسري لنكا وترينيداد توباقو ضمن قائمة سوداء للدول المعرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب وكان ذلك إثر تقدم اللجنة الأوروبية بطلب في الغرض عرض يوم الاثنين 5 فيفري 2018 على لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية للبرلمان الأوروبي وقد حصل جدل كبير داخل أعضاء اللجنة وعبر عدة نواب عن اندهاشهم من إدراج اسم تونس في هذه القائمة ولكن أغلبية طفيفة صوتت مع قرار الإدراج وأحيل الأمر إلى الجلسة العامة المنعقدة هذا اليوم لتبت فيه بصفة نهائية..

ويأتـي هـذا التطـور المفاجئ لنا على خلفية إدراجنا في قائمـة مماثلة من قـبـل (Le groupe d’action financière GAFI) وهي هيئة شكلتها جملة من الدول وتحرص على تتبع كل مجالات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وقد اعتبرت هذه الهيئة أن بلادنا تمثل مخاطر مرتفعة جدا لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب ووضعتها في خانة الدول تحت الرقابة.. مع العلم أن هنالك بلدا إفريقيا وحيد في هذه الحالة وهو أثيوبيا وثلاثة بلدان عربية أخرى فقط وهي اليمن والعراق وسوريا ..وأخشى ما نخشاه أن تقحم بلادنا بعد شهرين فقط من القائمة السوداء للملاذات الضريبية (والتي خرجنا منها منذ أسبوعين إلى القائمة الرمادية) في قائمة سوداء جديدة لها انعكاسات سلبية للغاية على صورتنا ويمكن أن تمثل عقبة جديدة في اتجاه حشد الدعم الأجنبي الأدنى لاقتصادنا..

لسنا ندري بالضبط نوعية المراسلات والمحادثات بين الجهات الأوروبية والسلطات التونسية حول هذه النقطة بالذات ولكن النتيجة واحدة في كل حال : لقد تآكلت كثيرا مصداقيتنا في الخارج ولم تعد لتعهداتنا الجدية المطلوبة حين نكون بين الفينة والأخرى في مثل هذه المطبّات ..
بدايات متعثرة في سنة 2018 رغم بعض العناصر الايجابية ولكن الواضح اننا في تونس مازلنا لا نملك القدرة على الذهاب إلى الأمام معا وفي كل المجالات..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115