افتتاح تظاهرة ليالي العبدلية: عرض زياد .. الموسيقى تحدّث الحضور عن تاريخ المكان ...

فاح عطر تونس وانتشر شذى ياسمينها، تماهت كلمتها الحلوة مع ايقاعاتها الرقيقة فامتعت الحضور وسحرت العقول، فنان تونسي

الهوى والاغنية والانتماء لسنوات وهو ينبش في الذاكرة الموسيقية التونسية يقدم الاغنية التونسية في كل المحافل الدولية يؤمن ان للهجة التونسية قدرة على امتاع الاخر فالموسيقى لغة تتجاوز كل الحدود الجغرافية والمكانية.
في فضاء تنبعث منه رائحة التاريخ وعطر الاسبقين وحكايا السياسيين ودهاء البايات ومن سكنوا ذاك المكان، في فضاء يحمل الذاكرة الى العام 1500ميلادي تاريخ تشييده الى تلك الحقبة والى الحدائق الغناء المحيطة بالقصر تحملك الموسيقى ويحدثك ايها الزائر زياد غرسة عن تونس عن الاغنية التونسية وسحرها في افتتاح ليالي العبدلية بالمرسى.

التاريخ حكاية والموسيقى مطية لفهمه
تماهى الماضي مع الحاضر، قصر العبدلية ينتصب وسط المساكن شامخا معتدا بنفسه وتاريخه، باب اخضر اللون كبير يرحب بضيوف المكان، للباب حكاياه فلكل حلقة قصة ولكل نقش اسطورة ربما ستحكيها نوتات الكمنجات في الداخل، الاضواء بألوانها الزاهية اضاءت المكان وأنارت قلوب الضيوف لتكون المتعة أوفر دهليز مربع الشكل زين بالجس و النقوش الحفصية، ثريا كبيرة الحجم توسطت الدهليز المربع، هي السقيفة مدخل القصر ومكان اجتماع الغرباء والضيوف ولان الجمهور «ولد الدار» فالعرض يكون في الباحة الاخرى، مدرج سيحملك الى الباحة لتستمتع بموسيقى هادئة وجميلة.
واحد، اثنين، سبعة عدد الدرجات المؤدية الى مكان العرض، اينما وليت وجهك تجد الابواب الموشاة باللون الاخضر، عددها تسعة ابواب خلفها الاف الحكايا فهنا تاريخ الحفصيين فقصر العبدلية على مكان الموقع الإستراتيجي القديم لميناء المرسى.
يشير المؤرخ أحمد ابن أبي الضياف إلى أن هذا القصر قد استعمل كإقامة صيفية محصنة خلال القرن 17- 18 الميلاديين على عهد حكومة البايات المرادية والحسينية وكذلك كملجأ في حالة التهديد. كما استقبل قصر العبدلية خلال القرن 17م شخصيات تونسية وأجنبية، كالباي محمود (1814-1824) وابنه حسين باي. وأخيرا، أصبح القصر، على عهد مصطفى باي وأحمد باي (1835-1855)، إقامة صيفية للقنصل الإنجليزي توماس ريد وريشار وود، قبل أن يسترجع من طرف محمود باي في منتصف القرن التاسع عشر.
في قصر العبدلية يكون اللقاء مع الموسيقى جولة تاريخية في قصر كان من اجمل القصور الحفصية، قصر يشهد على العهد الحفصي وحكاياه قصر لايزال يحافظ على شكله الخارجي مع بعض تعديلات قصر يجتمع فيه التاريخ والفن وحضارة البلاد.

الكلمة التونسية ممتعة
فاح العنبر وانتشر شذى مسك الليل في القصر فكانت الرائحة منعشة تماهت مع نسمات البحر غير البعيد و اصوات الاطفال وضحكاتهم فكان الجو اجمل، بالورود استقبلوا الجماهير التي اقبلت باعداد غفيرة لحضور حفل افتتاح ليالي العبدلية في دورتها الحالية.
عدد العازفين ثمانية، تماهت موسيقى الكمنجات لتكتب للحضور نوتات للحلم وللجمال، صوت الكونترباص يكون عنوانا للحياة ولصرخة متواصلة للجمال، البندير والآلات الايقاعية تكتب الياذة الابداع وتصحي الجمهور من غفوة ربما يسببها سحر المكان ورائحة مسك الليل والياسمين، ليطل زياد غرسة الى جمهوره ويعزف على «الاورق» نغماته التونسية وأغانيه التي يحفظها الجمهور، زياد غنى لتونس، حلم «بالغنجة» و غازل «السمراء» و تحدث عن جمال «منيّرة» التي جعلت «الفكر حيران والقلب احتار» اغان امتعت جمهور العبدلية وان كانت مألوفة فزياد غرسة 2018 وهو زياد غرسة 2000 وهو زياد غرسة في كل الحفلات والسهرات الاغاني نفسها والاسلوب عينه في الحديث مع الجمهور وطريقة التقديم لا جديد يذكر ولك ان تخمّن سابقا ما سيغنيه وكيف سيكون الحفل ولكن يبقى لأغانيه سحرها و يقبل عليها الجمهور في كلّ الحفلات لأنه يمتع الحضور بالكلمة التونسية الساحرة الكلمة التونسية القادرة على منافسة اللهجات العربية الاخرى، الاغنية التونسية الممتعة التي حافظ عليها زياد غرسة رغم اغراءات الكلمة المشرقية.

وحيدة الدريدي مبدعة فنانة ومديرة
بابتسامتها تستقبل وحيدة الدريدي كل ضيوف المهرجان، يبدو ان للدريدي الفنانة تاثيرا على الدريدي المديرة لأنها كانت جد تلقائية في التعامل مع الجميع دون استثناء والمميز ايضا لباسها التونسي الذي عرفها به جمهورها في المنوعات التلفزيونية يكون حاضرا في الافتتاح.
الدريدي الحكواتية اثرت ايجابا على المديرة من حيث طريقة تقديم الكلمة الافتتاحية و استعمال الحكاية بكل مؤثراتها لقراءة كلمة قصيرة قدمت فيها المكان.
و للدريدي تاثيرها على بقية فريق العمل فكل النساء حاملات «البادج» تجدهنّ باللباس التقليدي التونسي وأينما وليت وجهك اعترضك لباس او اكسسوار تونسي للتاكيد على جمالية المنتوج التقليدي التونسي.

نداء الى رؤساء الأموال لاعادة الحياة الى القصر فهل من مجيب؟
العبدلية الان فضاء ثقافي فضاء للحلم والمقاومة بالكلمة، فضاء تاريخي ينقصه الكثير ليكون أجمل وفي كلمتها أشارت وحيدة الدريدي مديرة الفضاء الى «الجابية» التي كان يتدفق منها الماء في القصر ومكانها الان تحت الرّكح مباشرة ومن امنيات الدريدي ان تعود المياه الى الجابية مع بلوّر يوضع فوقها يتحمّل الوزن ليعود للمكان رونقه وسحره حلم رجت الدريدي رؤساء الاموال للمشاركة في تحقيقه ليعود للعبدلية بريقه التاريخي.
العبدلية ايضا من مميزاته تاريخيا حدائقه الغناء الاندلسية الجميلة، حدائق تسعى الدريدي إلى اعادة احيائها من ركامها بالفن فالفن يحيى الأحلام المجهضة والامنيات المؤجلة.

لاول مرة وفي بادرة ذكية:
لمحة مكتوبة
عن المكان
قصر العبدلية؟ تاريخه؟ من بناه؟ من سكنه؟ ومتى أصبح فضاء ثقافيا؟ أسئلة كثيرة قد تخامر زائر المكان، أسئلة تفطنت إليها ادارة المهرجان وفي حركة ذكية وزّعت بعد العرض مكتوبا موجزا للمكان، فكرة تساعد الضيوف والصحفيين والمهتمين بالتاريخ على معرفة المكان وحبذا أن تتكرر في كل المعالم التاريخية التي أصبحت فضاءات ثقافية او تقدم لعروض فنية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115