بعد فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية، شكري المبخوت لـ«المغرب»: سعيد بهذا الاعتراف بقيمة الجامعة التونسية

أشرق نجم تونس في سماء الأدب العربي مرة أخرى مجددا العهد بين فرسان القلم ومنصة التتويج، فبعد أن كانت الفترة الأخيرة شاهدة

على توسيم ثلة من رجال الفكر والمعرفة على غرار الدكتور حمادي صمود والدكتور محمود طرشونة والروائي كمال الرياحي... جاء حصول الدكتور شكري المبخوت على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية ليثري مكاسب الحقل الأدبي في بلادنا في دليل لا يقبل التشكيك على فرادة التجربة التونسية وتميّزها...
تتوزع جائزة الملك فيصل العالمية إلى خمسة فروع هي: خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب، والعلوم. ومن شروط هذه الجائزة التي تأسست سنة 1977 عدم قبول الترشيحات الفردية أو ترشيحات الأحزاب السياسة، مقابل الترجيب بترشيحات الجامعات والهيئات والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية. كما تشترط الجائزة أن يكون المرشح على قيد الحياة وأن تكون الأعمال المرشحة منشورة، ومفيدة للبشرية ومثرية للمعرفة الإنسانية.

رصانة الفكرة وجمالية اللغة
بعد فوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر 2015» عن رواية «الطلياني»، عاد اسم شكري المبخوت إلى الإشعاع مجددا بعد الإعلان عن حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والأدب والتي اهتمت بموضوع «الدراسات التي تناولت السيرة الذاتية في الأدب العربي».
ومن الميزات التي رجحت كفة الدكتور شكري المبخوت في ميزان لجنة الاختيار حسب ما ورد في تقريرها هي الأصالة في معالجة موضوعات السيرة الذاتية العربية وتحليلها، والقدرة على تمثل المنجز النظري واستنطاق القيم الفنية والفكرية، وتعدد المداخل النقدية وتوظيفها في دراساته، ورصانة اللغة النقدية وجمالياتها في تحليل السيرة الذاتية ...
وجاء تتويج الروائــــي والباحـث شكـــري المبخوت بهذه الجائزة المرموقة عن الإصدارات الثلاثة التالية: «سيرة الغائب، سيرة الآتي: السيرة الذاتية في كتاب “الأيام” لطه حسين» (طبعة منقحة، دار مسكلياني للنشر 2015)، و«أحفاد سارق النار: في السيرة الذاتية الفكرية- مسكلياني للنشر 2016)، و«الزعيم وظلاله: السيرة الذاتية في الأدب التونسي(منشورات جامعة منوبة 2017).
وإن كانت القيمة الأدبية والمعنوية لجائزة الملك فيصل العالمية أكبر من أن تقدّر بثمن، فإن مكافأة الفائزين في كل فرع من فروع الجائزة الخمسة تتمثل في براءة من الورق الفاخر مكتوبة بالخط العربي بتوقيع رئيس هيئة الجائزة الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، وتحمل اسم الفائز، بالإضافة إلى الإنجازات التي أهلته لنيل الجائزة. كما سيتم توسيم كل فائز بميدالية

ذهبية عيار 24 قيراطا ووزن 200 غرام، إضافة إلى صك بمبلغ مائتي ألف دولار.

الفوز ثمرة تعب وكفاءة
لجائزة الملك فيصل العالمية مكانة خاصة عند صاحب جائزة البوكر، حيث أكد في تصريح لـ «المغرب» : لا شك أن الفوز بهذه الجائزة له طعم خاص ونكهة مختلفة خصوصا وأنها تستند إلى معايير صارمة لا تقبل التشكيك في نزاهتها وموضوعيتها... وبصفتي كنت مُحكّما في هذه الجائزة في دورات سابقة فإني أعلم جيّدا مدى جديّتها وكفاءة لجانها ...»
ولم يخف الدكتور شكري المبخوت سعادته البالغة في حصد هذا التتويج المشرّف، مضيفا بأنه كان واثقا من حظوظ ملف ترشحه في المنافسة على الجائزة لكنه لم يكن يتوّقع أو يتكهن بهذا الفوز الذي لم يأت من فراغ أو من باب الصدفة بل كان ثمرة جهد وبحث وتعب...
واعتبر مدير معرض تونس للكتاب شكري المبخوت الظفر بجائزة الملك فيصل العالمية اعتراف أكاديمي يتجاوز مكافأة شخصه إلى الاعتراف بقيمة الجامعة التونسية. وفي هذا السياق صرّح بالقول: «ليست التتويجات الأخيرة لرجال الجامعة التونسية على غرار حمادي صمود ومحمود طرشونة وأخيرا لشخصي سوى برهان على تميّز الجامعة التونسية بحثا وكتابة وتحقيقا... وبالرغم من المعوقات والصعوبات، تبقى مؤسساتنا الجامعية منارة إشعاع وعنوان إبداع بفضل ما زرعت لنا الأجيال السابقة فأكلنا وما سنزرع نحن للأجيال اللاحقة فتأكل...»
وعن جديده الأدبي، أشار صاحب جائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب إلى أن له إصدارا لافت العنوان والمحتوى في الأفق.

تونس تفوز بالجائزة للمرّة الثانية
تحظى جائزة الملك فيصل العالمية في مختلف فروعها بتقدير واحترام دولي بين الأوساط العلمية بفضل احتكامها إلى معايير دولية صارمة ومبدأ الجدارة في اختيار الفائزين. وقد بلغ عدد الباحثين والعلماء الذي حصدوا هذه الجائزة المرموقة ثم نالوا لاحقا جائزة نوبل 18 فردا. بينما حصل ما يزيد عن 100 من الفائزين بالجائزة على جوائز عالمية أخرى مثل جائزة مؤسسة غيردنر العالمية في الطب، والميدالية الوطنية الأمريكية للعلوم، وجائزة ألبرت لاسكر للأبحاث الطبية الأساسية، والميدالية الملكية البريطانية، وميدالية فيلدز في الرياضيات.
وإن فاز بهذه الجائزة العالمية مفكرون وعلماء وأدباء من 44 جنسية فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل الصدارة  بأكثر من 50 جائزة.
ولم تفز تونس إلا في مناسبتين بجائزة الملك فيصل العالمية وفي المرتين كان التتويج في فرع اللغة العربية والأدب. وقد أهدى الدكتور محمد رشاد الحمزاوي تونس شرف الحصول على هذه الجائزة لأول مرة سنة 2008 في موضوع «قضايا المصطلحية في اللغة العربية». وللمرة الثانية، تسجل تونس حضورها على منّصة التوسيم بعد أن حصد الدكتور شكري المبخوت جائزة الملك فيصل العالمية 2018.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115