إضاءة: البيئي الجريء..ووقف الموت البطيء سليمان بن يوسف الأمين إعلامي-باحث

ما قيمة المرء إن لم يكن له أثر بناء في تحسين حال الأرض، وصون الأمانة التي يرثها من أحفاده؟

ما إثبات الحضور الفعلي للإنسان، إذا لم يكن له طوال حياته عمل يزيد فيه نسبة الغطاء النباتي ، ويمحو آثار التلوث، ويقلص من وتيرة تدحرج الكوكب، بجشع بني آدم نحو هوة النهاية الوشيكة؟
ما برهان سلامة وعي الناس، وسمو ذوقهم، إذا تركوا العالم أسوأ مما وجدوه عليه، وعاثوا في الأرض وخاضوا يبددون مقدراتها سعيا وراء رغباتهم النهمة المحمومة، التي تزداد مع الزمن استعارا واتساعا وفداحة؟

لدى فئات من البشر دلائل ثبوت البراءة من تلك المآسي والدنايا، ومن بينهم طبائع الكشافين وعوائدهم الجميلة، نظافة وحماية للشجر، وتربية على عشق الوجود، وخدمة المجتمع وحفظ نعم الباري وصون مخلوقاته المسخرة لبني آدم..
قبل أيام عاش الجنوب على وقع أحداث بيئية امتدت على مناطق صحراوية وواحية وجزرية وجبلية، قادته نخب من جمعيات محلية استضافت شبكة جمعيات البيئة فايقين لبيئتنا، وتنوعت الأشكال والعناوين والقاسم البيئي المشترك واحد..
في جمنة التي يذكرها الناس بفخر وثناء لنجاح أهلها في صياغة تجربة رائدة في الاقتصاد الاجتماعي المحلي، طرح ابناء المنطقة في دوز، سؤالا تثمينا حول المخزون الواحي لترسيخ مسار الاقتصاد الأخضر..
وفي جربة، عرضت جمعية خليج للبيئة البحرية مشروعا واعدا ممولا من إمارة موناكو لوقف التلوث البلاستيكي في المحيط البحري..

وفي قابس، جددت جمعية البيئة والطبيعة، عزمها على محاصرة بؤر التلوث واستعادة مجد الواحة البحرية المتفردة عالميا، برغم عقود التنمية الملوثة التي دمرت البيئة واستنزفت الموارد وصحرت قاع البحر..
وفي جزيرة الأحلام، التقت نخبة من الناشطين بمركز يامون السياحي المتوسطي، حول مشروع جمعية ديناميكية حول الماء، لاستطلاع روافده ومكوناته، وهو بادرة متطورة وشمولية لرصد مقدرات الماء، وضبط أدوات عملية لترشيد استعمالها..
وفي تمزرط سجل لقاء كشفي وجمعياتي بيئي بين أكثر من مائة كشاف من جرجيس، وعدد من قادة الجمعيات البيئية، والمحلية بالقرية، حول مسالك الارتقاء بحال المنطقة، والتطوع لتحسين وضعها البيئي وتنمية روح المواطنة البيئية الفاعلة لدى النشء..
وفي المنستير، تلاقت جهود زمرة «أزرقنا الكبير» مع فرع نقابة الصحفيين التونسيين، لتعزيز قدرات الاعلاميين عبر دورة تدريبية مركزة وثرية.
وفي العاصمة، وببادرة من الجمعية التونسية للتغيرات المناخية، طرحت إحدى القضايا البيئية الكونية المتصلة بتغير المناخ .

ما من شك في أن العطلة الدراسية عرفت عشرات المناشط المتصلة بحماية البيئة، وقد تزامنت لترفع همم المشاركين بحماس في تحصين الكوكب المريض من الأدواء الفتاكة، وعلى تلك الخطة تلتقي عشرات الجمعيات ومئات الناشطين وآلاف اليقظين لبيئتهم، عشية اليوم بفضاءات البحيرة ضمن تظاهرة ساعة الأرض، من أجل مزيد ترسيخ تقاليد الاقتصاد في استهلاك الطاقة، والانضباط قدر الممكن في استغلال الموارد المتاحة والحد من كل سلوك من شانه رفع معدلات الاحتباس الحراري وغيرها من مظاهر الاختلال والانخرام البيئي..

يقف المتأمل في حيوية المجتمع المدني، ونسيجه البيئي، عند حيوية مبدعة، حبلى بالدلالات عن إمكان انبثاق الكم الهادر لمبادرات الجمعيات في شتى حقول العمل البيئي، عن مشروع جامع، عنوانه الأبرز المساهمة في حشد المتطوعين، وتعزيز همم الملتزمين بتقليص مدى التدهور والانقراض والانحدار، وتكثيف عمليات الترشيد والاقتصاد وحسن التدبير والتشجير، بما يؤشر لبروز بوارق تفوق البيئيين على نوازع الجشعين والنهمين و الملوثين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115