إضاءة: الزيتونة المعمرة... والنزوات المدمرة

تشهد الزيتونة المعمرة بالشرف من الهوارية، والتي يناهز عمرها ثلاث آلاف سنة، أن في بلادنا نفائس لو أحكم توظيفها لجعلتنا في أولى مراتب البلاد المتوسطية إشعاعا واستقطابا سياحيا، وسيما في السياحة البيئية..

الزيتونة المعمرة التي تحيط بها سواعد أهالي ومتساكنين ونسيج جمعياتي محوره جمعية مائية بالشرف، لقي دعم البنك الوطني للجينات وهياكل الفلاحة وغيرها فانطلقت خطة عملية لحماية الشجرة وتثمينها.
وعرفت المنطقة بالمناسبة تدخلا أوليا مكن من إنقاذ الشجرة التي تعرضت لحريق سنة 1992 كاد يودي بها، لتحفظ وتسمح العناية المركزة بإعادة نمو أغصانها وتجذر عروقها ، وإجراء عملية جني وعصر لإنتاج زيت لأول مرة قبل بضع سنوات بإشراف معهد الزيتونة.
لفتت الزيتونة انتباه باحثين من العالم، ولم ينتبه لها جل التونسيين، وحين تقدمت فكرة المشروع وأنجزت بعض المراحل من تهيئة السياج والمدخل وتهيئة مقام الولي وإنشاء منحلة، وغراسة بعض الزياتين المفقودة، لتستعيد المنطقة مجموع ثلاثة عشر صنفا أصليا من أشجار الزيتون تتفرد به على المستوى الوطني، لم ترق للبعض الأشواط المتقدمة والتفاف مؤسسات وطنية حول فريق المجمع المائي الذي تعهد المبادرة وسعى لتحويلها لواقع تنموي وسياحي وبيئي ينضاف لمعالم الهوارية ونفائس الوطن القبلي.

تحدث عدد من إطارات المجمع مؤخرا بمرارة عن أياد تمتد في الخفاء لوقف المشروع وتخريب ما ينجز وتثبيط همم النخبة المتحمسة لقيادته إلى منتهاه.
من سعى لإجهاض المشروع وإخماد أنفاس البرنامج الطموح الذي انطلق قبل سنوات بتهيئة محيط الزيتونة المعمرة وإنعاشها برعاية من البنك الوطني للجينات؟
من لا يريحه انطلاقة منطقة الشرف وتقدم مبادرة نموذجية في تثمين مخزون بيولوجي لخدمة السياحة المحلية والجهوية وحتى الدولية؟
في بلدان العالم يسعون لنفض الغبار عن حجارة وجماد وتماثيل ويصنعون لها متاحف ومزارات ومسالك.

وفي ربوع بلادنا معالم طبيعية وثروات لا حد لها ، من جزر وأشجار ومشاهد طبيعية جبلية وغابية وبحرية وصحراوية وحيوانات ونبات وطيور، وعادات متوارثة ومخزون ثري لا مثيل له يعاني الإهمال وينتظر عودة الروح.
قبل أيام أطلق أبناء المجمع المائي بالشرف صيحة فزع وزفرة للسلط لوضع حد لمن يعبث بالمشروع ويسعى لمنع تنفيذه وتكامله لحساب ضيق وغاية في نفس يعقوب.
هل تشكل قوة الضمير الجمعي المحلي ونضالية البيئيين والمتطوعين مهدي وزهير ونبيل وغيرهم حصنا كافيا لإنهاء الملهاة-المأساة؟

وهل تتدخل الجهات المعنية انتصارا للمكتسب العام، وفرض إرادة المجموعة الوطنية في حماية تراث بيولوجي إنساني ، يمثل هبة لبلادنا ولمنطقة الشرف بالهوارية تحديدا ليتحرك من جديد قطار مشروع الزيتونة المعمرة بما يفتح الطريق لمشاريع بيئية وسياحية أخرى من شانها إثراء المنتوج السياحي ودعم حركية التنمية بالكثير من المناطق والربوع.
خلال نفس اليوم ، ألمت بنا حسرة أخرى،فبعد رحلة لم يكتب لها الاكتمال إلى جزيرة زمبرة، نظمتها جمعية بيئية محلية بمنزل تميم، وألغيت خلال وصول المركب لساحل الجزيرة محملا بأكثر من عشرين تونسيا متطلعا لسحر الجزيرة وخصائصها المتفردة، وذلك بداعي تجاوز الحمولة القصوى للمركب..
موقف أحالني لمشهد مئات القوارب والبواخر المنتظمة في رحلات متزامنة متواترة لوجهات جزرية وساحلية مميزة بإسطنبول منها جزر الأميرات وضفاف البوسفور وغيرها، وللمسات التنظيم والخدمات والتوظيف المعماري والجمالي و....

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115