بمناسبة اليوم العالمي للسلحفاة : عندما تحمي تونس سلاحفها

أحيانا نشعر بالفخر لاننا ننتمي الى هذا الوطن :حصل هذا لكثير من الصحفيين الذين حضروا فعاليات اليوم الإعلامي الذي وقع ببادرة من وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي ومكتب تونس للصندوق العالمي للطبيعة بمقر المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيات البحار بالمنستير والذي

يضم مركزمداواةوتاهيل للسلاحف البحرية المصابة ...

كشف هذا اليوم الإعلامي حقائق جميلة لم يكن اغلبنا يعلمها أهمها ان عملا كبيرا تقوم به اكثر من إدارة عمومية وبالتنسيق مع اكثر من جمعية من اجل حماية وصون الحياة البرية في بلدنا التي نحلم جميعا بان يكون واحة سلام يطيب فيه العيش للإنسان وأيضا لكل الكائنات الحية التي تشاركنا الوجود .

احد هذه الكائنات الحية اسمه «السلحفاة ضخمة الراس « وهي احدى ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية التي يمكن مشاهدتها على سواحلنا (النوعين الاخرين شديدي الندرة ) ويمكن ان يصل وزنها الى 160كغ .
علميا يصنف كائننا ضمن فصيلة «الزواحف» وهو كائن قديم على هذه الأرض يعني ان وجوده سبق وجود الانسان نفسه (عاصر الديناصورات )وهذه الحقيقة الأخيرة تعطينا فكرة عن مدى قدرة هذا الكائن على التاقلم والصمود مع المتغيرات الكثيرة التي عرفتها الارض خلال فترة وجوده الطويلة والتي تحسب بملايين السنوات .

السيدة الفة الشايب وهي باحثة مختصة في دراسة هذا الكائن أعطت فكرة عن دورة حياة هذا الكائن مبينة حقائق مثيرة منها ان معدل بيضة واحدة من بين الف بيضة تنجح في ان تكون سلحفاة بالغة واذا اضفنا ان الشواطئ الهادئة والتي تختارها لوضع بيضها في اشهر الصيف أصبحت نادرة في العالم وأيضا في تونس (سواحل جزيرة قورية فقط) نتيجة التدفق السياحي وان التقديرات تقول ان اكثر من 44000 الف سلحفاة ماتت في كامل البحر المتوسط بسبب التصادم مع الصياديين وان هذا الرقم هو 700 في تونس كل سنة فان مخاوف البيئيين من اندثار هذا الكائن في مستقبل قريب هو اكثر من مشروع .

من الحقائق الأخرى المثيرة عن كائننا انه مهاجر كبير ;هذا ما اثبتته تقنية « التتبع الترقيمي « التي تتلخص في تركيز لاقطات مرتبطة بالاقمار الصناعية على اجسام بعض السلاحف اظهر احدها ان احدى السلاحف تنقلت من سواحل مدينة المنستير الى سواحل اليونان ومنها الى خليج قابس المعروف بانه منطقة اشتاء وغذاء كبرى في المتوسط نظرا لدفء المنطقة البحرية .

ولكن لماذا شعرنا بالفخر للانتماء الى هذا الوطن ?
ببساطة لان تونس هي البلد الوحيد في الضفة الجنوبية للمتوسط ووعيا منا بأهمية حماية هذا الكائن المهم لضمان توازن المنظومة البحرية قام باحداث مركز لعلاج وتاهيل السلاحف المصابة تشرف عليه باحثة شابة وتمتد مهامه الى التنسيق مع جمعية «ازرقنا الكبير» من

اجل توعية الأطراف المتدخلة واهمها الصيادين بأهمية حماية «السلحفاة ضخمة الراس» خاصة ان الأرقام تقول ان 58 في المائة من المشاكل هي نتيجة اقتراب كائننا من شباك او معدات الصيادين .

مصدر اخر للفخر يتمثل في ما قامت وتواصل القيام به وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي من اجل حماية جزر قورية حيث تمثل شواطئها الرملية الملاذات شبه الأخيرة في بلدنا تونس اين تضع السلاحف بيضها وهو ما اعطى للجزر الواقعة قبالة سواحل مدينة المنستير أهمية خاصة استدعت التفكير في ادراجها كمحمية ولكن بـ«مواصفات جديدة» تدرج الجانب البشري كمكون رئيسي :هذا ما جاء في مداخلة السيدة صبا قلوز المشرفة على المحميات البحرية بالوكالة حيث ابرزت ان استشارة واسعة وقعت شملت حتى ممثلين عن نقابة الصياديين ومنظمي الرحلات السياحية الى المكان قبل تصور مثال تصرف شامل يضمن حماية شاملة لكامل مكونات المنظومة الطبيعية دون «غلق « المكان كليا امام الوجود البشري .
لا يسعني أيضا الا ان نفخر بما تقوم به جمعية «ازرقنا الكبير « في مجال حماية السلاحف البحرية على سواحل المنستير فمتطوعوها مثلا يشرفون على حسن سير عملية تفقيس البيض بتواجدهم شبه المتواصل وطيلة اشهر فصل الصيف في جزيرة قورية هذا الى جانب

دورهم التحسيسي الذي يتواصل طيلة اشهر السنة بالتوازي مع عملية استقبال السلاحف البحرية المصابة وتوجيهها الى مركز المداواة والتاهيل قبل اعادتها الى البحر.
انتهت زيارتنا على شاطئ المنستير حيث تم اطلاق سلحفاة تمت معالجتها وتاهيلها بعد ان وقعت تسميتها بـ «براق» على اسم المركب الذي سلمها الى متطوعي «ازرقنا الكبير».

في النهاية لا يسعني الا التنويه بمبادرة انارة الراي العام على حقيقة العمل الذي يقع من اجل تعزيز قيم الحياة على ارضنا في روح من التعاون والتكامل بين مؤسسات عمومية وجمعيات من المجتمع المدني ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115