إضاءة: الدولة المواطنة وبقايا الوصمات

من حقهم على الجميع استقبال الربيع في أوانه بما يعني من سمفونية أمل وفرح واحتفال


من حق سكان الجهات المضرجة بماض وصمته الملوثات الصلبة والسائلة أن ينعموا عاجلا غير آجل برغد عيش في كنف محيط تحلو فيه الحياة.

ومع علو بنيان الدولة الوطنية الوليدة ومع انبثاق الجمهورية الثانية، يتزايد الأمل وتتضاعف مطامح التونسيين وتطلع سكان المناطق المترنحة تحت وقع عقود من الاستنزاف غير الرشيد للثروات، والرازحة تحت ضغط آلات الشفط والسكب والنفث العشوائية.

ومع تقدم مسار البناء الجديد لمؤسسات الدولة المواطنة يزداد حلم الجموع المؤجلة أحلامها في بقعة تحت شمس العدالة اتقادا وتوقها لساعة الانصاف توهجا وعنفوانا..

هم لا يحلمون بحدائق مشابهة لمتنزهات الدنمارك وما شابه.

كما لا ينفكون يطاردون نهارا رؤى غريبة تشبه طيف خيال.

مدينة بلا صخب، تحلق فيها الطيور ويسمع شدوها.

ومدائن وادعة تشبه البحيرة والمنارات والنصر، تحفها الخضرة
وشواطىء على مرمى الورد والبصر، يداعبها الأزرق الرحيب.

,,أطفالها يتطلعون لأفق أخضر بلا وجع ولا أنين في قفصة وقابس وصفاقس، وبنزرت والقصرين.

دولة الأمل الوليد، حمالة شوق الملايين إلى زمن لا يعرف فيه المواطن بؤسا ولا نكد.

تهدي الحوكمة فرصا متساوية للطامحين، وتزف اللامركزية الموعودة آمالا حبلى بوعود لن تخيب في وصول قاطرات النمو خلف غياهب أعتمتها ظلمات الظلم الذي لفها في ظلال السهو الإرادي الثقيل..

وأيادي الحكم المحلي الناعمة ستنبسط وتطهر الندوب مما علق من جراء تنمية ظلت هناك أشبه بالسراب وظلت حاضرة بالغياب.

بيد أنها لم تمح النقاط السوداء المتوسعة برغم الجهد والإرادة..

دولة الوطن المنيعة تندفع كالصرح الذي يبنى من جديد، وشبح السواد ينحسر ببطء,,لكنه لن يظل فلا مجال له في زمن الثورة والحرية والكرامة .

لا مستقبل لصور شائهة طالما وصمت الأمكنة وحكمت في الناس جورا وأحالت فراديس قابس أطلالا ومقابر.

ذاك ما جناه منوال تنمية لامستدام، ولم يجن سكان المناجم على أحد,,

تستمر مأساة الناس في منابع الخير ومهد الفسفاط برغم محاولات رفع المضرات وتبديد الكوابيس وتنقية الأجواء وكنس آثار»الجريمة»

ففي محيط المناطق الملوثة آثار غائرة ومعالم ألم قديم ، وفي نفوس الأهالي الذين خبروا طويلا نفاثات الأدخنة والنفايات السوداء المنسكبة آهات مكتومة ومخاوف من طول مقام الشبح البغيض.
أجيال شط السلام تحلم بصفو العيش بلا مظالم طالما صنعتها السيول المنبعثة من مصانع الفسفاط...

وشباب تبرورة والسياب، يمنون النفس، بأيام يطيب فيها العيش وترنو النفوس لمصالحة جذرية ونهائية بين الصفاقسية مع بحرهم وأرضهم ومحيطهم، ليهنأوا بطور جديد من حياة لا ينغصها ركام فوسفوجيبس ولا دوي معامل وإفرازات سامة قاتلة

هي إرادة الحياة تدفع الفئات المحاصرة بآثار ماض شاحب نحو فرض شروط واقع جديد لا مكان فيه لسواد أمس موحش وحال يليق بشباب مقبل على الحياة.
فالبيئة الصحية المتوازنة بعض من مقومات كرامة الإنسان.

ولعلها أبسط حقوق البشر في ظل دولة المواطنة والمؤسسات والعدالة والزامات الوطن تجاه مواطنيه بعد انسحاب شبح الجور والعسف والإقصاء

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115