نائب رئيس البنك الدولي المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط فريد بلحاج لــ«المغرب»: قريبا سيتم الإعلان عن نتائج النسخة الأولى من مؤشر التنمية البشرية والتصنيفات ستحدث جدلا كبيرا بين الدول

تطرق نائب رئيس البنك الدولي المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط فريد بلحاج، في حوار خص

به «المغرب» الى العديد من المسائل الاقتصادية والوضع العام الذي تمر به تونس وضرورة تنفيذ الاصلاحات وخاصة اصلاح منظومة الدعم التي اكد انها ضرورية وأكيدة كما تحدث عن موضوع النسخة الاولى من مؤشر التنمية البشرية الذي اطلقه البنك وسيتم الاعلان عن نتائجه قريبا في اندونيسيا كما تحدث ايضا عن العديد من المواضيع التي تهم التنمية والاستثمار .

ماهي الاهداف من بعث مؤشر التنمية البشرية من قبل البنك الدولي؟
موضوع تنمية الرأسمال البشري في تونس هو اول برنامج ومشروع تعليم موله البنك الدولي بتونس سنة 1963 بالتعاون مع احمد بن صالح والحبيب بولعراس وبالتالي فان علاقة البنك مع تونس على مستوى التنمية البشرية هي علاقة متينة وضاربة في القدم هذا فيما يتعلق بتونس اما على مستوى مؤشر التنمية البشرية الذي بعثه البنك حديثا نشير الى ان رئيس البنك الدولي من خلال استراتيجيته يرى ويعتقد ان كل ماهو تنمية ونمو بالنسبة لأي دولة يعتبر من بين العناصر المهمة جدا للتطور الاقتصادي لكن في المقابل يرى بعمق وبجدية عناصر أخرى خلافا عن التمويلات تساهم في تطوير نمو واستقرار اي بلد بصفة مستدامة وبشكل جيد وبدا العمل والبحث عن آليات ومفهوم الاستثمار الحقيقي الذي تكون نتائجه مميزة مائة بالمائة ومن هنا كان التفكير في تطوير منظومة الرأسمال البشري والاستثمار فيها وتم تركيز مؤشر خاص بالبنك يتعلق بالتنمية البشرية غير ما تقدمه بقية المنظمات الدولية الاخرى المهتمة بالعنصر البشري والتنمية البشرية والتي ترتكز في اغلبها على المؤشرات التي توفرها الدول المعنية بالموضوع ولا تعتمد ارقاما ومعطيات خاصة بها بينما البنك الدولي يعتمد على ارقام من مصادر مختلفة.

ماهي المعطيات التي سيعتمدها البنك في تركيز مؤشر الرأسمال البشري الذي سيحدثه ومن اين سيتحصل على الارقام والمؤشرات الخاصة بالموضوع ؟
سيتم اعتماد منهجية مختلفة تماما عن غيرها من المناهج الاخرى حيث سيتم احتساب نسبة النجاح في كل بلد و اختبارات (PISA) البرنامج الدولي لتقييم الطلبة وكل ما من شانه ان يقدم ارقاما ومؤشرات غير ماتقدمه الحكومات على مستوى التعليم وعلى مستوى الصحة ستتم مراجعة ومتابعة مدى الادراك والتعلم والقابلية للطفل خلال الخمس سنوات الاولى من عمره ومدى الفطنة والصحة الفكرية والقابلية وسلامة الاطفال من الامراض المتعلقة بالادراك وبالتالي سنحاول البحث في نوعية الاستثمار والبرامج التي ستكون موجهة لهذه الفئة في مجال الصحة . وكل هذا سيتم قياسه من خلال اعتماد الية الاحتساب bajen method التي تعتبر معقدة وترتكز اساسا على حسابات الكمبيوتر الدقيقة وفي هذه اللحظة بالذات هناك فرق عمل منكبة على البحث وتحصيل النتائج الاولية من خلال المعطيات الموضوعية وخاصة الدول التي تبنت وتحمست لمسالة التنمية البشرية .
وهنا نأخذ مثال مقارنة صغير سنغفورة على 13 سنة تربية هناك 13 سنة معرفة مقابل دولة الغابون على 13 سنة تعليم هناك خمسة سنوات معرفة مما يعني ان النظام التعليمي المعتمد غير مجد وان الطفل في الغابون بعد 13 سنة يتعلم ما تعلمه طفل الخمس سنوات في سانغفورة وهو ما ينعكس على أشياء كثيرة من بينها قدرته على العمل والتعامل مع المحيط والخلق والتعلم وإدارة الامور

هذا يعني ان البنك لن يعتمد الارقام التي يوفرها المعهد الوطني للإحصاء؟
ستكون الارقام الحكومية جزءا من مكونات البحث ولن تكون الاساس في العمل وسنقدم مؤشرا بتصنيفات وهو مؤشر سيتم تقديمه في بالي لأول مرة ونحن نعرف مسبقا انه سيحدث جدلا كبيرا بين الدول حول نتائج التصنيفات وسيتم متابعة النتائج حسب ردود الفعل ونوعية خطط العمل المتبعة من قبل الدول المصنفة وهي استراتيجية منهجية تعتمد على خطط وأساليب تساهم بشكل كبير في مساعدة الدول على تحقيق تنمية اكثر وتطوير العنصر البشري الذي يعتبر بالنسبة للبنك الدولي من اهم العناصر المساعدة على تطوير وتنمية الدول وتطوير راسمالها البشري.

هل سيقدم البنك سنويا المؤشر ونتائج التصنيفات التي سيفرزها العمل؟
سيتم بعث هذا المؤشر والتصنيف كل سنتين او اربع ومازال القرار في هذا الشأن لم يتخذ بعد والهدف من احداث المؤشر هو التأكد من ان البلد الذي سيتعامل معه البنك الدولي يتميز بنظام صحي وتعليمي مهم وقد تحدث البنك كثيرا مع وكالات التصنيف والتي اهتمت كثيرا بالموضوع على اعتبار انها ستعتمد بدورها على هذا المؤشر لتقديم نتائجها النهائية وحتى صندوق النقد الدولي بدوره اكد انه سيأخذ بعين الاعتبار هذا المؤشر الذي سيقدمه البنك الدولي والاستثمارات التي قامت بها الدول في ما يتعلق بالتنمية البشرية وبالأساس الصحة والتعليم. هذا ما يعني ان الحوار مع الحكومات في هذا الموضوع سيصبح موجها لا فقط مع وزراء الصحة والتعليم بل ايضا وزير المالية الذي سيفكر انه عند وضع التزامات على السوق المالية فان وكالات التصنيف ستأخذ في اعتبارها لا فقط اقتصاد البلاد الكلي والمديونية بل ايضا نوعية الرأسمال البشري وبالتالي فان هذا المؤشر سيكون مهما جدا وأيضا لان تونس ودول المنطقة عموما تتميز بفئة من الشباب مهمة جدا وكثير منهم عاطلون عن العمل لان منظومة تعليمهم لم تكن متطابقة مع ما يطلبه سوق الشغل وبالتالي سيكون هناك تحد إيجابي بالنسبة للدول للاستثمار في التعليم والصحة وتكوين رأس مال بشري يساعدها بالإضافة الى ما تمنحه المؤسسات المالية من دعم وتمويل على تطوير الوضع العام وتحقيق نسب تنمية مرتفعة

هل سيكون مؤشر التنمية البشرية من بين المقاييس الاساسية التي يتم اعتمادها من قبل البنك الدولي لتسليم القروض ؟
سيكون من بين مكونات برنامج البنك مع الدول المعنية وستكون الاهداف اكبر بكثير من مجرد التمويلات سيكون برنامجا عميقا وله نتائج على المدى البعيد والمتوسط.

ما هو أهم إجراء يعتبر البنك انه ضروري للنهوض بالاقتصاد قبل غيره من الاجراءات الاخرى ؟
كل ما من شانه ان يسهل مهمة المستثمر اولا توفير ومنح الثقة للمستثمر في البلاد وبان مشروعه سينجح بالإضافة الى تسهيل وتبسيط الاجراءات الادارية لتكوين المؤسسات الاستثمارية او الغاء الاجراءات المعقدة ويمكن الاشارة الى انه من خلال عملي بالبنك لاحظت ان العديد من الدول قامت بعمليات تدقيق معمقة للإجراءات المؤكدة في مجال الاستثمار والإجراءات التي يمكن الاستغناء عنها وفي النهاية تم الاتفاق على الاحتفاظ بإجراء او اثنين لا غير والبقية اجراءات معقدة تزيد في قلق المستثمر وربما عزوفه عن المشروع

هل تقصدون انه يجب مراجعة مجلة الاستثمار مرة اخرى؟
حسب رأيي الشخصي فان كل مجلات الاستثمار عموما ترتكز على معطيات من سنوات السبعينات وكل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ليست لديها مجلات استثمار وهو ما يشير الى ضرورة الاهتمام بالمسائل التي تعيق الاستثمار وتغييرها وتطويرها لتمكين المستثمر من مجال استثماري اكبر وأوسع بدل تكثيف القوانين وتعقيدها وبالتالي ما يجب القيام به هو الغاء كل الاجراءات وتبسيط المهمة فيها بأكثر ما يمكن لفتح ابواب الفرص لبعث المشاريع في نطاق ما يضمنه القانون بالإضافة الى اعتماد منظومة الادارة الرقمية
سنوات عديدة والبنك الدولي يتحدث عن اصلاح منظومة الدعم وايجاد حلول مما يفهم ضمنا ان الخط والاستراتيجية تتجه مباشرة الى رفعه فهل يدرك البنك خطورة ما سينجر عن رفع الدعم من تعقيدات اجتماعية واقتصادية على المواطن؟
ندرك جميعا ان الوضع في تونس صعب و دقيق يتطلب جملة من الاصلاحات من بينها منظومة الدعم التي يلاحظ البنك انها موجهة الى غير مستحقيها وهو ما يدعو الى ضرورة مراجعة المنظومة وإيجاد حلول ليكون الدعم خاصا فقط بالمستحقين وموجها الى الفئة الفقيرة لا الى جميع الفئات وهناك تجارب كبيرة ودول نجحت في التحكم في منظومة الدعم على غرار اندونيسيا والبرازيل والمكسيك وتركيا وماليزيا بالتعاون مع البنك وفي الاردن ايضا .

لكن يبدو أن الأردن واجه صعوبات كبيرة في مسألة رفع الدعم ألن يكون الموضوع على نفس الصعوبة في تونس؟
في الاردن كانت هناك مشاكل سياسية خاصة وأخرى لا علاقة لها برفع الدعم والتحكم فيه وبالنسبة الى تونس يجب رفع الدعم بطريقة تدريجية وتعويضه بقيمة مالية يتصرف فيها المستهلك حسب حاجياته وهي طريقة تساعد المستهلك على التحكم في نفقاته وإيجاد طريقة تمويل اخرى
كل الحكومات التي تداولت على سدة الحكم بتونس تحدثت عن موضوع الدعم وإمكانية التحكم فيه ومازالت لم تقر اجراء كبيرا او برنامجا قد نفذ الى اليوم مما يوحي بوجود صعوبات كبيرة فكيف يمكن حسب رأيكم المرور الى مرحلة التنفيذ في ظل الوضع العام الذي تشهده البلاد حاليا ؟
يجب تقديم التفسير الصحيح للمواطن وعدم تهويل المسالة وفتح باب الحوار الصريح لمعرفة ما معنى التحكم الصحيح في الدعم وما يمكن ان يوفره للمواطن من نفقات يكون مردودها ماليا وحينيا لصالح المستهلك المستحق للدعم والحوار الذي يقيمه حاليا البنك مع الحكومة التونسية هو حوار على مدى متوسط وطويل من شانه ان يعطي اكله ويكون قادرا على تغيير منظومة الدعم بالشكل الصحيح وتوجيهه إلى مستحقيه دون سواهم.

بلغت نسبة المديونية في تونس نسبة مرتفعة جدا 73 بالمائة الا يثير هذا الرقم المرتفع مخاوف البنك ؟
ارتفاع حجم المديونية مسألة تخيف الحكومة والمواطن التونسي ولا تخيف البنك الدولي بل بالعكس البنك يحاول مساعدة الحكومة للخروج من الصعوبات الاقتصادية والمالية والتخفيض من نسب المديونية عبر مختلف الوسائل من بينها تطوير السياسات النقدية بالإضافة إلى القروض الممنوحة بنسب فائدة ضعيفة
ما موقف البنك وتقييمه لمردود القروض التي تتحصل عليها الدولة التونسية خاصة في ظل الصعوبات المالية التي تعيشها وارتفاع حجم النفقات والأجور خاصة ؟
كل الاصلاحات التي يتم الاتفاق حولها قبل منح أي قسط من القرض الممنوح يتم الاتفاق حولها وتسير بصفة معقولة وتنفيذها يكون واقعيا وقناعة البنك بأن الدولة التونسية يجب أن تتحصل على قروض مهمة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب ودعم من المجتمع الدولي وفي نفس الوقت يجب مواصلة الاصلاحات وبدون تراجع وإلا سيكون هناك مشكل بالنسبة للحكومة والدولة ومس من المصداقية.

ماذا يعني في قاموس البنك الدولي عجز دولة ما عن القيام بالإصلاحات؟
يعني ذلك صعوبة او انهاء التعامل مع الدولة وبالنسبة لتونس الامر يختلف فكل الاجراءات التي تم الاتفاق حولها والإصلاحات المبرمجة ضمن القروض تسير في الاتجاه الصحيح ولا يتم صرف اي قسط من القرض دون التأكد من المسار الصحيح لهذه الاصلاحات

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115