كشفها تفاقم عجز الميزان التجاري: الإجراءات الحكومية تفشل في كبح جماح الواردات

لم تنجح الإجراءات التي تبنتها الحكومة التونسية منذ بداية العام الحالي

في كبح نزيف الواردات ,حيث أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تفاقم عجز الميزان التجاري المسجل على المستوى الجملي للمبادلات خلال شهر جوان المنقضي ليبلغ نحو 8.2 مليار دينار.
لئن شددت تونس القيود على استيراد السلع الاستهلاكية غير الضرورية في مسعى لتقليص العجز التجاري المتفاقم وسط توقعات لمسؤولين بأن تؤتي ثمارها في القريب العاجل,فإن آثار هذه الإجراءات على فاتورة الواردات ماتزال سلبية ولم تظهر أي انعكاس وفقا لتصريح الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان لـ «المغرب» .

وأضاف سعيدان أنه على الرغم من الإجراءات العميقة التي تم اتخاذها منذ مطلع العام الجاري ,فإن معضلة الواردات ماتزال تلقي بظلالها على الميزان التجاري مبينا أن العجز التجاري خلال السداسية الأولى لــ2018 شهد ارتفاعا مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي ,فوفقا لبيانات معهد الإحصاء, فإن قيمة العجز ل2017 كانت في حدود 7.5 مليار دينار في حين أن قيمة العجز إلى غاية جوان المنقضي 8.2 مليار دينار .

وأوضح الخبير أنه على الرغم من الهبوط الحاد في قيمة الدينار والذي يفترض أن يكون حافزا على تشجيع التصدير وكبح جماح التوريد بالإضافة إلى إجراءات زيادة الرسوم الجمركية على واردات السلع الاستهلاكية غير الأساسية أوالمواد التي فرضت قيود على استيرادها ,فإن العجز في ارتفاع وهو ما يدل على أن المسار الإصلاحي لوضع الميزان التجاري يسير في الاتجاه الخطأ .فالحد من العجز التجاري يفترض المضي أكثر في مجال التحكم في الواردات خاصة الواردات الكمالية من جهة وضرورة تصحيح مسار التعامل مع البلدان المتسببة في العجز التجاري في إشارة إلى الصين وتركيا ويكون ذلك إما عن طريق فتح أسواقها نحو مزيد من الصادرات التونسية أو ضخ استثمارات جديدة في تونس أو تقديم ضمانات للاقتراض من السوق الدولية ..

وعلى الرغم من تحسن الصادرات بنسبة 26 % خلال السداسية الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي, فإن ذلك انعكس على نسبة التغطية التي تحسنت بنسبة 71.4 %, تحسن يتضمن «مغالطة» حسب سعيدان ,ففي حال اعتبار أن الصادرات قد تطورت بتلك النسبة,فإن هذا الارتفاع بالدينار التونسي وليس بالدولار في الوقت الذي يعرف الدينار التونسي تقلبات متتالية , فتقييم التجارة الخارجية والقطاع السياحي لا يكون إلا بالعملة الصعبة .

وذكر سعيدان أن تحسن نسق الصادرات كان مدفوعا بصابة قياسية في مادة زيت الزيتون والتمور.وفي ما يتعلق بالواردات التي تطورت بـ 20.8 % فهي تعود بدرجة أولى إلى واردات الطاقة والمواد الأولية نصف المصنعة.
وقال سعيدان أن تفاقم العجز التجاري ينعكس على قيمة الدينار مشيرا إلى توصيات صندوق النقد الدولي التي تؤكد على تشديد السياسة النقدية أي الترفيع في سعر الفائدة ومزيد المرونة في سعر صرف الدينار أي مزيد انزلاق الدينار وعدم تدخل البنك المركزي في السوق وهي توصيات كان الهدف من تطبيقها إصلاح الميزان التجاري.

تجدر الإشارة إلى أن الاجراءت التي تم إتخاذها لكبح جماح فاتورة الواردات ارتبطت بوقف إقراض التجار لاستيراد المواد الاستهلاكية غير الضرورية وعددها 220 منتجا إلا إذا وفر التجار أنفسهم الاعتمادات وهي مواد تعتبرها وزارة التجارة والبنك المركزي غير ضرورية ومن بينها عدد من المواد الغذائية مثل أنواع من الأسماك والأجبان والفواكه إضافة إلى عطور وخمور والى جانب ذلك رفع الرسوم الجمركية على بعض المواد الاستهلاكية.

وكان مدير عام التجارة الخارجية بوزارة التجارة خالد بن عبدالله قد أكد في تصريح سابق لـ «المغرب» أن الهدف من اتخاذ إجراءات تشديد الرقابة على الواردات يرمي إلى إعادة التوازن إلى الميزان التجاري ومحاولة التخفيف من حدة العجز الهيكلي للميزان التجاري مشيرا إلى أن تحقيق أثر ملموس يستوجب فترة زمنية محددة.

وأكد بن عبد الله إمكانية إقرار إجراءات جمركية جديدة على توريد منتوجات استهلاكية كمالية على إعتبار أن مراجعة قائمة السلع بالإدراج أو بالسحب هي عملية مستمرة ومتواصلة,مشيرا إلى أن تطبيق إجراءات حمائية يجب أن يتوافق مع حاجيات السوق ويحمي الاقتصاد التونسي ويحترم الأطر التنظيمية والاتفاقيات الدولية.

وفي سياق متصل, أكد سعيدان أن الدينار سيشهد استقرارا نسبيا لبضعة أسابيع مدفوعا بصرف صندوق النقد الدولي للقسط الرابع, لكن بحكم أن مراجعة صندوق النقد الدولي أصبحت ثلاثية عوضا عن سداسية فإنه ينتظر أن يشهد الدينار مزيدا من الانزلاق.
وكان الاورو قد تجاوز عتبة الثلاثة دنانير والدولار لـ 2.6 دينار مع توقعات بأن يعرف الدينار مزيدا من التذبذب أمام جميع العملات .

ويتراوح الاحتياطي من العملة الأجنبية الى مستوى دون 71 و77 يوما مما يجعل الفارق بين هذه الفترة والفترة نفسها من العام الفارط تصل إلى 23 يوم. وهو ما يحد من إمكانية البنك المركزي للتدخل ودعم الدينار في السوق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115